السبت، 3 يونيو 2017

كُفر الديمقراطية وكفر معتنقيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الديمقراطية دينٌ كفريٌّ مبتدع وأهلها بين أرباب مشرِّعين وأتباع لهم عابدين
اعلم أن أصل هذه اللفظة الخبيثة (الديمقراطية) يوناني وليس بعربي... وهي دمجٌ واختصارٌ لكلمتين؛ (ديموس) وتعني الشعب.. و (كراتوس) وتعني الحكم أو السلطة أو التشريع... ومعنى هذا أن ترجمة كلمة (الديمقراطية) الحرفية هي: (حكم الشعب) أو (سلطة الشعب) أو (تشريع الشعب)..

وهذا هو أعظمُ خصائص الديمقراطية عند أهلها... ومن أجله يلهجون بمدحها، وهو يا أخا التوحيد في الوقت نفسه من أخص خصائص الكفر والشرك والباطل الذي يناقض دين الإسلام وملَّةَ التوحيد أشدَّ المناقضة ويُعارضه أشدَّ المعارضة... لأنك قد عرفتَ فيما مضى أنَّ أصل الأصول الذي خُلق من أجله الخلق وأنُزلت الكتب وبُعث الرسل، وأعظم عُروة في الإسلام هو توحيد العبادة لله تعالى واجتنابُ عبادة ما سواه.. وأنَّ الطاعة في التشريع مِن العبادات التي يجب أن تُوّحد لله تعالى وإلا كان الإنسان مُشركاً مع الهالكين..

وسواءٌ طبقت هذه الخاصية في الديمقراطية على حقيقتها، فكان الحكم للجماهير أو غالبية الشعب، كما هي أسمى أماني الديمقراطيين من علمانيين أو منتسبين للدين.. أو بقي على ما هو عليه في الواقع اليوم، حيث هو: حكم الملأ من الحكام وعصابتهم المقربة إليهم من عائلاتهم أو كبار التجار (الهوامير) والأثرياء الذين بيدهم رؤوس الأموال ووسائل الإعلام ويستطيعون بواسطتها أن يصلوا أو يُوصلوا إلى البرلمان (صرح الديمقراطية) من يشاؤون... كما يستطيع مولاهم أو ربُّهم (الملك أو الأمير) أن يحلَّ المجلس ويربطه في أي وقتٍ شاء وكيفما شاء...
فالديمقراطية على أي الوجهين كفرٌ بالله العظيم وشركٌ بربِّ السماوات والأرضين ومناقضةٌ لملِّةِ التوحيد ودين المرسلين...

لأسباب عديدة وعديدة... منها:-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

#أولاً

لأنها تشريعُ الجماهير أو حكمُ الطاغوت وليست حُكمَ الله تعالى... فالله جل ذكره يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالحكم بما أنزل الله عليه، وينهاه عن اتباع أهواء الأمة أو الجماهير أو الشعب، ويُحَذِّره من أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله عليه فيقول سبحانه وتعالى: {وأنِ احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك}هذا في ملَّةِ التوحيد ودين الإسلام..
أما في دين الديمقراطية وملَّةِ الشرك فيقول عبيدها: احكم بينهم بما ارتضى الشعب واتبع أهواءهم واحذر أن تُفتن عن بعض ما يُريدون ويشتهون ويُشرِّعون... هكذا يقولون... وهكذا تقرر الديمقراطية، وهو كفرٌ بواحٌ وشركٌ صراحٌ ... ومع هذا فالحق أن واقعهم أنتن من ذلك فإنه لو تكلم عن حالهم لقال: (وأنِ احكم بينهم بما يهوى الطاغوت وملؤه، ولا يُسن تشريعٌ ولا قانونٌ إلا بعد تصديقه وموافقته...)!!!
هذا ضلالٌ مبينٌ واضحٌ أبداً بل هو الشركُ بالمعبودِ عُدواناً
.

#ثانياً

لأنها حُكم الجماهير أو الطاغوت، وفقاً للدستور وليس وِفقاً لشرع الله تعالى... وهكذا نصت دساتيرهم وكُتبهم التي يقدسونها أكثر من القرآن بدليل أن حُكمها مُقدّم على حُكمه وشرعها مُهيمنٌ على شرعه عندهم .. فالجماهير في دين الديمقراطية لا يقبل حُكمها وتشريعها ـ هذا إذا حَكمت فعلاً ـ إلا إذا كان مُنطلقاً من نصوص الدستور وَوِفقاً لمواده لأنه أبو القوانين وكتابها المقدس عندهم... ولا اعتبار في دين الديمقراطية لآيات القرآن أو لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يمكن سن تشريعٍ أو قانون وِفقاً لها إلا إذا كانت مُوافقة لنصوص كتابهم المقدس (الدستور).. واسألوا فقهاء!! القانون عن هذا إنْ كنتم في مِرية منه...
الله يقول: {فإنْ تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الله والرسول إنْ كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً}.
ودين الديمقراطية يقول: (إن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الشعب ومجلسه ومليكه وفقاً للدستور الوضعي والقانون الأرضي)..!!
{أُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون ا لله أفلا تعقلون}.
وعلى هذا فلو أرادت الجماهير تحكيم شرع الله تعالى عن طريق دين الديمقراطية هذا ومن خلال مجالسه الشركية التشريعية.. فلا يمكنها ذلك ـ إنْ سمح الطاغوت بذلك ـ إلا عن طريق الدستور ومن خلال مواده ونصوصه... لأنه هو كتاب الديمقراطية المقدس أو قُل توراتها وإنجيلها المحرّف تِبعاً للأهواء والشهوات...

#ثالثــــــــــاً:

إنَّ الديمقراطية ثمرةُ العلمانية الخبيثة وبنتها غير الشرعية... لأن العلمانية: مذهبٌ كفريٌّ يرمي إلى عزل الدين عن الحياة أو فصل الدين عن الدولة والحكم...
والديمقراطية: هي حكمُ الشعب أو حُكم الطاغوت... لكنَّها على جميع الأحوال ليست حكم الله الكبير المتعال، فهي كما عرفت لا تضع أي اعتبار لشرع الله تعالى المحكم إلا إذا وافق قبل كلِّ شيءٍ مواد الدستور، وثانياً؛ أهواء الشعب، وقبل ذلك كلِّه رغبات الطاغوت أو الملأ...
لذلك لو قال الشعب كُله للطاغوت أو لأرباب الديمقراطية: نريد أن نُحكم بما أنزل الله، ولا يكون لأحدٍ لا الشعب ولا مُمثيله من النواب ولا الحاكم حق في التشريع أبداً... ونريد أن نُنفذ حُكم الله في المرتد وحُكم الله في الزاني والسارق وشارب الخمر...و... ونُريد أن نُلزم المرأة بالحجاب والعفاف... ونمنع التبرج والعُري والخنا والفجور والزنا واللواط وغير ذلك من الفواحش... سيقولون لهم على الفور: هذا مناقضٌ لدين الديمقراطية وحريته..!!!

إذاً هذه هي حرية الديمقراطية: التحرّر من دين الله وشرائعه وتعدّي حدوده.. أما شرع الدستور الأرضي وحدود القانون الوضعي فمحفوظةٌ مقدسةٌ محروسةٌ في ديمقراطيتهم العفنة بل ويُعاقب كلُّ من تعداها أو خالفها أو ناقضها...

فتباً لكم تباً لكم تباً لكم تباً لكم حتى يَكِلَّ لسانِ

فالديمقراطية ـ إذاً... دينٌ غير دين الله تعالى... إنها حُكمُ الطاغوت وليست حُكمُ الله تعالى... إنها شريعةُ أربابٍ مُتشاكسين متفرقين وليست شريعةَ الله الواحد القهار... والذي يقبل بها ويتواطأ عليها من الخلق... فهو في الحقيقة قد قبل أن يكون له حق التشريع وِفقاً لمواد الدستور وأن يكون تشريعه هذا مقدماً على شرع الله الواحد القهار...
وسواءٌ أَشرَّع بعد ذلك أم لم يُشرِّع وفاز بالإنتخابات الشركية أم لم يفز، فإنَّ تواطأه مع المشركين على دين الديمقراطية، وقبولَهُ بأن يكون الحكمُ والتشريعُ له، وأن تكون سلطته فوق سلطة الله وكتابه وشرعه هو الكفر بعينه؛ هذا ضلالٌ مبينٌ واضحٌ أبداً بل هو الشركُ بالمعبودِ عُدواناً.

فالشعبُ في دين الديمقراطية يُنيبُ عن نفسه هؤلاء النواب، فتتخير كلُّ طائفةٍ أو جماعةٍ أو قبيلةٍ منهم ربًّا من هؤلاء الأرباب المتفرقين، ليشرِّعوا لهم تبعاً لأهوائهم ورغباتهم... لكن كما عُلم: وِفقاً لمواد ونصوص الدستور وفي حدوده... فمنهم من يتخيّر معبوده ومشرِّعه تبعاً للفكر والايديولوجية... فإما ربٌّ من الحزبِ الفُلاني.. أو إلهٌ من الحزبِ العَلاّني... ومنهم من يتخيَّره تبعاً للقبيلةِ والعصبية... فإما إلهٌ منَ القبيلةِ الفُلانية... أو وثنٌ معبودٌ من القبيلة العَلانية... ومنهم من يتخيّره إلهاً سلفياً بزعمهم، وآخر يجعله ربًّا إخوانياً... أو معبوداً ملتحياً وآخر حليقاً... وهكذا ... {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضيَ بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم}

فهؤلاء النواب هم في الحقيقة أوثانٌ منصوبةٌ وأصنامٌ معبودةٌ وألهةٌ مزعومةٌ في معابدهم ومعاقلهم الوثنية (البرلمانات) يدينون هم وأتباعهم بدين الديمقراطية وشرع الدستور، إليه يحتكمون ووِفقاً لنصوصه ومواده يُشرِّعون ويُقننِّون... ويحكمهم قبل ذلك كلِّه ربُّهم وإلههم وصنمهم أو وثنهم الكبير الذي يُقر تشريعاتهم هذه ويُصدّق عليها أو يرفضها ويردها... وهو الأمير أو الملك أو الرئيس...

هذه هي حقيقة الديمقراطية وملَّتها... دينُ الطاغوت... لا دينَ الله... وملَّة المشركين... لا ملَّة النبيِّين... وشرع أرباب وآلهة متفرقة متنازعة... لا شرعَ الله الواحد القهار..

{ءَأربابٌ متفرقون خيرٌ أمِ الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسماءً سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان}. ، {ءَإلهٌ مع الله؟ ؟ تعالى الله عما يشركون}.

فلتختر يا عبد الله... إما دينَ الله وشرعه المطهر وسِراجه المنير وصِراطه المستقيم... أو دينَ الديمقراطية وشركها وكفرها وطريقها الأعوج المسدود... حُكمَ الله الواحد القهار... أم حُكمَ الطاغوت...
{قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها...}. {وقلِ الحق من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً...}
{أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون * قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)

الكفر الأكبر والإيمان لايجتمعان في قلب إنسان ..

_____________________________

السلفية المعاصرة هي ملة متكاملة الأركان لها قواعدها المعرفية ، وأصولها الإيمانية ، وعقائدها التأصيلية التي لايتساهل فيها المُنظرون لها . وقد صيّر كهنة هذا الدين الجديد أصولاً جعلوها عمدة ً لهم في مسائل الإيمان والكفر ، ومن أهم أصولهم التي عارضوا بها وحي الله : ( جواز اجتماع الشرك الأكبر والكفر الأكبر مع الإيمان في قلب إنسان.. ) ! فخالفوا في ذلك المعقول والمنقول .. وسنوضح ذلك بعون الله . 
اتفق أهل السنة والجماعة على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية وإسلام وجاهلية وتقوى وفجور ولا يكفر- ما لم تكن هذه المعصية كفرا أكبر أو شركا أكبر- ، وذلك لأن الإيمان ( شعب ) و( أجزاء ) و( أبعاض ) لا يلزم من ذهاب بعضها ذهابها كلها، وأن أهل الكبائر من الموحدين تحت مشيئة الرحمن إن شاء عذبهم بذنوبهم ثم أدخلهم الجنة وإن شاء عفا عنهم، وقد قضت بذلك الأدلة الشرعية ..
وخالف في هذا بعض الفرق قديماً فـــــــ ( المرجئة وكل فرق الخوارج ) ، 
قالوا: لا يجتمع في العبد طاعة ومعصية ولا تقوى وفجور..!
ونحن نسوق بعض الأدلة التي تبين صحة مذهب أهل السنة والجماعة : 
1- قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ..( 9 )سورةالحجرات .
فسمى الله تعالى الطائفتين مؤمنتين مع اقتتالهما، وهذا دليل واضح على اجتماع الطاعة والمعصية في العبد ولا يمنع ذلك أن يكون مؤمنا.
2- وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...) رواه البخاري .. 
فسماهما النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين مع وجود الاقتتال منهما، وذلك واضح في قوله صلى الله عليه وسلم (بسيفيهما)، وهذا يدل على جواز اجتماع شعبة من شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر الأصغر (المعصية) في العبد دون أن يكون كافرا خارجا عن ملة الإسلام.
3- وعن واصل الأحدب عن المعرور قال: (لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حُلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرتُه بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر أعيرتَه بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية) رواه البخاري ...
، فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم على أبي ذر أنه فيه جاهلية مع مكانته العظيمة بين المسلمين، ولم يحكم عليه بالخروج من الملة، بل جعل لذلك القول ـ قول أبي ذر للرجل ـ مثل الكفارة أن يطعمه مما يطعم وأن يلبسه مما يلبس، وإذا ثبت ذلك، ثبت صحة اجتماع الإسلام وخصلة غير مكفرة من خصال الجاهلية في العبد، دون أن يلزم من ذلك أن يخرج العبد من الملة.
4- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان...) رواه البخاري ...
، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من اتصف بخصلة من خصال النفاق ففيه شعبة منه، ومقتضى هذا اجتماع شعب الإيمان والكفر والنفاق في العبد.
5- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان...) رواه البخاري ... فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وجه تسمية النساء بذلك وأنه لا يعني به الكفر الأكبر وأنهن لم يخرجن من الملة، وأن ذلك في كونهن يكفرن حق الأزواج عليهن.
فهذه الأحاديث السابقة وما كان في معناها تدل على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية، وإسلام وجاهلية، ولا يكفر بذلك إلا أن تكون المعصية مخرجة من ملة الإسلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

لكن كهنة الدين الجديد " السلفية المعاصرة " قاموا باستغفال أتباعهم وقالوا :
أن " الأدلة السابقة " تنسحب على الكفر الأكبر والشرك الأكبر ؛ فيجوز اجتماع الكفر الاكبر والإيمان في قلب إنسان ، وأن الإنسان إذا كان مؤمنا وفعل ما هو كفر أكبر لا يكفر بذلك، وأن الإيمان الذي معه يمنع من إطلاق الكفر عليه حينئذ وإن كان ما فعله كفر أكبر، وأن من نطق الشهادتين فلا يكفر أبدا، ، وإن دعى غير الله ، وإن تحاكم لغير شرع الله ، وإن شرّع من دون الله ، وإن والى أعداء الله ، وإن فعـل ما فعل وقال ما قال من المكفرات ..! .
ولو تدبر الإنسان ماقاله كهنة السلفية المعاصرة لعلم أنه جهليات وهمية ، ووساوس إبليسية ؛ فالكفر والإيمان نقيضان لايجتمعان في قلب إنسان ، والقول بجواز جمعهما 
" يخالف قواعد الإستدلال العقلية والشرعية "
>> فمن ناحية اللغة : 
النقيضان لا يجتمعان ، كالحركة والسكون مثلاً، فإنهما لا يجتمعان في شيء واحد في الوقت نفسه، فلا يكون الشيء ساكناً متحركاً في ذات الوقت . 
>> من ناحية المنطق : 
النقيضان في المنطق : لفظان لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً في موضوع واحد في زمن واحد.
>> من ناحية العقل الدال على الشرع : 
جمع النقيضان في العقل ممتنع ببداهة العقول ؛ فمن المعضلات أن نحتاج دليل عقلي على بطلان جمع النقيضين .
فإما أن يكون الإنسان موحدًا خالص التوحيد، وإما أن يكون مشرك خالص الشرك ، وإما أن يجمع الوصفين - هذا ممتنع - 
>> من ناحية الشرع : 
النقيضان " الكفر الأكبر والإيمان " لايجتمعان أمر شهدت به النصوص الشرعية 
1- قال تعالى : ( وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ..) (146 ) سورة الأعراف .
) فذكر موجب الإيمان وهو الآيات وترتب نقيضه عليه وأتبع ذلك بموجب الرشد وترتب نقيضه عليه ثم جاءت الجملة بعدها مصرحة بسلوكهم سبيل الغي ومؤكدة لمفهوم الجملة الشرطية قبلها لأنه يلزم من ترك سبيل الرشد سلوك سبيل الغي لأنهما إما هدى أو ضلال فهما نقيضان إذا انتفى أحدهما ثبت الآخر...) أ.هـ [ تفسير أبو حيان الأندلسي جـ5 صـ174 ] .
فالشرك إذا وجد ارتفع التوحيد، وإذا وجد التوحيد ارتفع الشرك ؛ لأنهما نقيضان ؛ فلايمكن أن يجتمعا في وقت واحد ولايمكن أن يرتفعا " سلبهما " في وقت آن واحد .
يقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن :
(اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده. وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة. مثال ذلك: أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان. ...) أ.هـ 
[ منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس صـ 12 ] .: 

2- قال الله تعالى في بيان شاف كاف : 
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر 
، وهذا خطاب للرسول ولإخوانه الرسل من قلبه ( والمراد به غيرهم لأن الانبياء معصومون من الشرك ) أنهم إن وقعوا في الشرك ـ وحاشاهم ذلك ـ فإن أعمالهم كلها حابطة ضائعة لا قيمة لها ـ ولا يحبط العمل بالكلية إلا الكفر أو الشرك الأكبر ـ فالآية دليل لا دافع له على أنه إن اجتمع الكفر والإيمان في العبد فإن الإيمان يحبط ويبطل.

3- قال تبارك وتعالى (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام .

4 - ومثله قوله تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة . 

إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن المكلف إذا وقع في الكفر أو الشرك الأكبر فقد خرج من الملة وحبط عمله كله.
ولذلك أهدر الله سبحانه وتعالى أعمال الكفار الذين يأتون بها يوم القيامة وجعلها هباءاً منثورا ً مع أنها أعمال صحيحة من حيث الظاهر، ولو لم تكن صحيحة ما كانت معتبرة حيث قال تبارك وتعالى
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) سورة الفرقان .. ، وقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) سورة ابراهيم ) ، فقد أحبط الله أعمالهم لما أتوه من الكفر الأكبر ولم يقبلها منهم.

وبعد هذه الأدلة الشرعية الرادة على استغفال كهنة السلفية المعاصرة لأتباعهم ، نجد أن كهنة هذا الدين الجديد لاينتصرون إلا باستغفال البديهية العقلية ، وتجاوز الضرورات العقلية ، ثم اللعب على أحبال السفسطة فيُسلَّم لهم كل مغرور ٍ ومُغفلٍ وفاجر .

#ما_حكم_الإعجاب_باللاعبين_الكفرة ؟

#الإجابــة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضعاف الإيمان من المسلمين ينظرون إليهم نظرة إعجاب دون نظر إلى ما هم عليه من الكفر، وما ينتظرهم من سوء المصير، فتبعثهم هذه النظرة الخاطئة إلى تعظيم الكفار واحترامهم في نفوسهم، والتشبه بهم في أخلاقهم وعاداتهم السيئة، ولم يقلدوهم في الجد وإعداد القوة. 
فالإعجاب بالكافر له خطره على عقيده المسلم؛ لأنه قد يؤدي إلى حبه ومودته، وتعظيمه في قلب المسلم، فيتدرج به إلى حب ما هو عليه من كفر.
وينبغي للمسلم حفظ وقته عما لا فائدة فيه، فهو رأس ماله الحقيقي في حياته. والإنسان مسؤول أمام الله عز وجل يوم القيامة عن عمره عموماً، وعن شبابه خصوصاً؛ ففي الحديث: لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ما عمل فيه. رواه البيهقي.

ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺿﻌﻲ

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺣﻤﺪًﺍ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻃﻴﺒًﺎ ﻣﺒﺎﺭﻛًﺎ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺣِّﺪﻳﻦ، ﻭﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ، ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﺍﻟﻐﺮِّ ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ .
ﻭﺑﻌﺪ :
ﻓﻬﺬﺍ ﻣﻘﺎﻝٌ ﻧُﺒﻴِّﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤُﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﻗﻀﻴﺔ ﻣُﻌﻴَّﻨﺔ، ﻭﺑﻴﻦ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲٍّ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪَ
ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖَ ﻭﺍﻟﺴَّﺪﺍﺩ .
ﻛَﺜُﺮ ﺍﻟﺨﻠﻂُ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ؛ ﻓﻔِﺮﻗﺔٌ ﻛﻔَّﺮﻭﺍ
ﺍﻟﺤﺎﻛﻢَ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴَّﺔ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ - ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
ﺍﻟﺬﻱ ﺳَﻨُﺒﻴِّﻨﻪ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ - ﻭﻛَﻔَّﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﺪَّﻝ ﺷﺮﻉَ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ، ﻭﻓﺮﻗﺔٌ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻢ
ﻳُﻜﻔِّﺮﻭﺍ ﻣَﻦ ﺣﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴَّﺔ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳُﻜَﻔِّﺮﻭﺍ
ﻣﻦ ﺑﺪَّﻝ ﺷﺮﻉَ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲٍّ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ
ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ، ﺃﻣَّﺎ ﻋﻘﻴﺪﺓُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨَّﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ - ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳَّﺎﻛﻢ
ﻣﻨﻬﻢ - ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨَّﺤﻮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :
ﺃﻭﻻً : ﺍﻟﺤُﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝَ ﺍﻟﻠﻪُ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣُﻌﻴَّﻨﺔ :
ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻻ ﻳُﺒﺪَّﻝ ﻭﻻ ﻳُﻐﻴَّﺮ
ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲٍّ ﺁﺧﺮ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺣﺎﻛﻢٌ ﺃﻭ ﻗﺎﺽٍ ﻓﻴﺤﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ
ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪُ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﺗﻜﺒًﺎ ﻟﻜﺒﻴﺮﺓٍ
ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺃﻋﻈَﻢُ ﺇﺛﻤًﺎ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﺃﺧﺮﻯ
ﻛﺎﻟﺴَّﺮﻗﺔ ﻭﺷُﺮﺏِ ﺍﻟﺨﻤﺮ؛ ﻓﺈﻥَّ ﻣﻌﺼﻴﺔً ﺳﻤَّﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪُ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻛﻔﺮًﺍ
ﺃﻋﻈَﻢُ ﻣﻦ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻟﻢ ﻳُﺴﻤِّﻬﺎ ﻛُﻔﺮًﺍ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻭَﻣَﻦْ ﻟَﻢْ
ﻳَﺤْﻜُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ ﴾ ‏[ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ : 44 ‏] .
ﻭﻻ ﺑُﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻛِﻢ ﺣَﻜَﻢَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤُﻜﻢ
ﻷﻧَّﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﻗﻊ ﺍﻟﻀَّﺮﺭ ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﻷﻧَّﻪ ﻳﻜﺮﻫﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛُﺮﻫًﺎ
ﺑﺤُﻜﻢِ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﺑُﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣَﻜَﻢَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤُﻜﻢ ﻟﻬﻮًﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻧَّﻪ
ﻳﻌﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﺼﻠﺤﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻷﻧَّﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﻥَّ ﺣُﻜﻢَ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺼﻠُﺢ؛ ﻓﻬﺬﺍ
ﺍﻟﺤُﻜﻢ ﻛُﻔﺮٌ ﺃﺻﻐﺮ ﻏﻴﺮ ﻣُﺨﺮِﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤِﻠَّﺔ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ : " ﻟﻴﺲ
ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ."
ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒَّﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿
ﻭَﻣَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺤْﻜُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ ﴾ ‏[ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ :
44 ‏]، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ : ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺪﺭﻛﻪ، ﻭﻗﺎﻝ : ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤُﺤﺪﺙ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣُﻌﻠِّﻘًﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮ ﺍﺑﻦ
ﻋﺒَّﺎﺱ ﻭﻣﺒﻴِّﻨًﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔٍ ﻣﻌﻴﻨﺔٍ ﻳﺨﺘﻠﻒُ
ﻋﻦ ﺗَﺒﺪﻳﻞ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ " : ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ - ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻏﻴﺮﻩ - ﻣﻤَّﺎ
ﻳَﻠﻌﺐُ ﺑﻪ ﺍﻟﻤُﻀِﻠُّﻮﻥ ﻓﻲ ﻋَﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ، ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻠﻌﻠﻢ، ﻭﻣﻦ
ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺁﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ : ﻳﺠﻌﻠﻮﻧﻬﺎ ﻋُﺬﺭًﺍ ﺃﻭ ﺇﺑﺎﺣﻴَّﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﻴﻦ
ﺍﻟﻮﺛﻨﻴَّﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ" ؛ ‏[ﻋﻤﺪﺓ
ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ : ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ / 684 ‏] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺁﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : "ﺃﻣَّﺎ ﺍﻟﺬﻱ
ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ " : ﻛﻔﺮ ﺩﻭﻥ ﻛﻔﺮ" ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻛﻢ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺃﻧَّﻪ
ﻋﺎﺹٍ ﻭﺃﻥَّ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻖ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪُﺭ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﺮَّﺓ
ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ، ﺃﻣَّﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺑﺘﺮﺗﻴﺐٍ ﻭﺗﺨﻀﻴﻊٍ، ﻓﻬﻮ ﻛُﻔﺮ ﻭﺇﻥ
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﻭﺣُﻜﻢُ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺃﻋﺪﻝ"؛ ‏[ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ : ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ / 280 ‏] .
ﺛﺎﻧﻴًﺎ : ﺗﺒﺪﻳﻞُ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲٍّ :
ﻭﻫﻮ ﺗﻨﺤﻴﺔُ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤُﺤﻜَﻢ ﺍﻟﻤُﻨﺰَّﻝ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻠﺨﻴﺮ، ﻭﺇﻗﺼﺎﺅﻩ
ﻭﺇﺑﻌﺎﺩُﻩ، ﻭﺗﺒﺪﻳﻠﻪ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥٍ ﻭﺿﻌﻲٍّ ﻣُﺘﺨَﻠِّﻒ ﻭﺑﺪﺳﺘﻮﺭٍ ﺗﺎﻓِﻪ، ﻳﺴﺘﻤﺪُّ
ﻣﻮﺍﺩَّﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻَّ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦُ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ :
"ﻣﺤﺾُ ﺯﺑﺎﻟﺔِ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ، ﻭﺻﺮْﻑُ ﺣُﺜﺎﻟﺔ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ" ، ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻔﺮٌ ﺃﻛﺒﺮ
ﻣُﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﻣِﻠَّﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴُّﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥَّ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺿﻌﻲٍّ ﻛُﻔﺮ ﺃﻛﺒﺮ :
1‏) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﺃَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﺰْﻋُﻤُﻮﻥَ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﻤَﺎ
ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻠِﻚَ ﻳُﺮِﻳﺪُﻭﻥَ ﺃَﻥْ ﻳَﺘَﺤَﺎﻛَﻤُﻮﺍ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕِ
ﻭَﻗَﺪْ ﺃُﻣِﺮُﻭﺍ ﺃَﻥْ ﻳَﻜْﻔُﺮُﻭﺍ ﺑِﻪِ ﻭَﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥُ ﺃَﻥْ ﻳُﻀِﻠَّﻬُﻢْ ﺿَﻠَﺎﻻً ﺑَﻌِﻴﺪًﺍ
﴾ ‏[ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 60 ‏] .
ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻧَّﻬﻢ ﺁﻣَﻨﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﺃَﻧﺰﻝَ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻫﻢ ﻛﺎﺫِﺑﻮﻥ، ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ
ﺃﻥ ﻳَﺘﺤﺎﻛﻤﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ، ﻭﻫﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺿﺎﻟُّﻮﻥ، ﻭﺑِﻌَﺪَﻡ ﺇﻳﻤﺎﻧِﻬﻢ ﺑﻤﺎ
ﺃَﻧﺰﻝَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺑﺘﺤﺎﻛُﻤِﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﺭﺗﻜﺒﻮﺍ ﻛُﻔﺮًﺍ ﺃﻛﺒﺮ
ﻣُﺨﺮﺟًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠَّﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﻏﻴﺖ ﻛﺜﻴﺮﺓ،
ﻭﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﺧﻤﺴﺔ - ﻭﺫَﻛَﺮَ ﻣﻨﻬﺎ :- ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻐﻴِّﺮ ﻷﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ‏[ﺍﻟﺪﺭﺭ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ : ﺍﻟﻤُﺠﻠَّﺪ ﺍﻷﻭﻝ/ 162 ‏] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ : ﻛﻞُّ ﻣﺎ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺑﻪ
ﺍﻟﻌﺒﺪُ ﺣﺪَّﻩ؛ ﻣﻦ ﻣﻌﺒﻮﺩٍ ﺃﻭ ﻣﺘﺒﻮﻉٍ ﺃﻭ ﻣُﻄﺎﻉ، ﻓﻄﺎﻏﻮﺕ ﻛﻞِّ ﻗﻮﻡٍ ﻣﻦ
ﻳﺘﺤﺎﻛﻤﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﻭ ﻳﻌﺒﺪﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭ
ﻳﺘَّﺒﻌﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭ ﻳﻄﻴﻌﻮﻧﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﺃﻧَّﻪ ﻃﺎﻋﺔ ﻟﻠﻪ، ﻓﻬﺬﻩ ﻃﻮﺍﻏﻴﺖُ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺇﺫﺍ ﺗﺄﻣَّﻠﺘَﻬﺎ ﻭﺗﺄﻣَّﻠﺖَ ﺃﺣﻮﺍﻝ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﻬﺎ ﺭﺃﻳﺖَ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﺎﻛُﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺎﻛُﻢ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ، ﻭﻋﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ
ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ"؛ ‏[ ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ : ﺍﻟﻤُﺠﻠَّﺪ ﺍﻷﻭﻝ / 85 ‏] .
2‏) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻓَﻠَﺎ ﻭَﺭَﺑِّﻚَ ﻟَﺎ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺣَﺘَّﻰ ﻳُﺤَﻜِّﻤُﻮﻙَ ﻓِﻴﻤَﺎ
ﺷَﺠَﺮَ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻢْ ﴾ ‏[ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 65 ‏] .
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﴿" ﻓَﻼَ ﴾ ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮ
ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋُﻤُﻮﻥ ﺃﻧَّﻬﻢ ﻳُﺆﻣﻨُﻮﻥ ﺑﻤﺎ ﺃُﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﻫﻢ ﻳﺘﺤﺎﻛﻤُﻮﻥ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕ، ﻭﻳﺼُﺪُّﻭﻥ ﻋﻨﻚ ﺇﺫﺍ ﺩُﻋُﻮﺍ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﺍﺳﺘﺄﻧﻒ ﺍﻟﻘﺴَﻢ
ﺟﻞَّ ﺫِﻛﺮﻩ، ﻓﻘﺎﻝ : ﴿ ﻭَﺭَﺑِّﻚَ ﴾ ﻳﺎ ﻣُﺤﻤﺪ ﴿ ﻻَ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﴾؛ ﺃﻱ : ﻻ
ﻳُﺼﺪِّﻗُﻮﻥ ﺑﻲ ﻭﺑﻚ، ﻭﺑﻤﺎ ﺃُﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻚ، ﴿ ﺣَﺖَّﻯ ﻳُﺤَﻜِّﻤُﻮﻙَ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺷَﺠَﺮَ
ﺑَﻴْﻨَﻬُﻢْ "﴾؛ ‏[ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ : ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ/ 189 ‏] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : " ﻳُﻘﺴِﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪَّﺳﺔ، ﺃﻧَّﻪ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﻳُﺤﻜِّﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝَ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻓﻤﺎ ﺣﻜَﻢ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺤﻖُّ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻪ ﺑﺎﻃﻨًﺎ ﻭﻇﺎﻫﺮًﺍ"؛ ‏[ﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ
ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ : ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ/ 533 ‏]

الأربعاء، 24 مايو 2017

تعريف بالقائد خالد بن الوليد سيف الله المسلول ﺭﺿﻲَ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي فارس وقائد إسلامي، لقَّبه الرسول صلى الله عليه وسلم بسيف الله المسلول، حارب في بلاد فارس وبلاد الروم وفي الشام، وتُوُفِّيَ ودُفن بعدها في حمص.

نشأة خالد بن الوليد

وُلد خالد بن الوليد رضي الله عنه سنة 592م في مكة، وكان والده الوليد بن المغيرة سيِّدًا في بني مخزوم ومن سادات قريش، واسع الثراء ورفيع النسب والمكانة؛ حتى إنه كان يرفض أن تُوقد نارٌ غير ناره لإطعام الناس؛ خاصة في مواسم الحجِّ وسوق عكاظ، ولُقِّبَ بريحانة قريش؛ لأنه كان يكسو الكعبة عامًا وقريش أجمعها تكسوها عامًا، وأُمُّه هي لبابة بنت الحارث الهلالية. كان له ستة إخوة وأختان، نشأ معهم نشأة مترفة، وتعلَّم الفروسية منذ صغره مُبديًا فيها براعة مميزة؛ حيث كان أحدَ الاثنين اللذين يُقاتلان بسيفين في آن واحد هو والزبير بن العوام ويقود الفرس برجليه؛ ولذلك جعلته فروسيَّتُه أحد قادة فرسان قريش.
حياته

إسلامه

إنه كثيرا ما كان يخلو إلى نفسه فيتفكر في الدين ولما أسلم شقيقه سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وأنه يأمل في إسلامه. . . , فأرسل إلى شقيقه رسالة يحثه على دين الحق فكان أن فتح الله عليه بالإيمان والإسلام. وقد أسلم هو وعمرو بن العاص حين لقيه عمرو فقال له:((إني ذاهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه والله لنبي وإن الدين الذي بُعث به هو الحق فهيا معي يا خالد لنسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)). فقال له خالد:((إنني ما قدمت إلا لأسلم أنا أيضاً)). وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما كان منه من صد عن سبيلك قبل إسلامه)).
تسميته سيف الله المسلول

وقي غزوة مؤتة بعد إسلام خالد خرج جيش المسلمين وفيهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة القادة الثلاثة ومعهم خالد, وكان قائد الجيش زيد بن حارثة فلما استشهد وتولى قيادة الجيش جعفر بن أبي طالب فاستشهد فتولى القيادة عبد الله بن رواحة فاستشهد في بطولة نادرة. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء ذلك في صلاته فصعد المنبر ونودي للصلاة فاجتمع الناس فقال صلى الله عليه وسلم للناس:((إن جيشكم الغازي لأرض الشام أصيب زيد واستشهد فاستغفروا له)) فاستغفروا الناس,((ثم أخذ اللواء جعفر حتى استشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((وحمل الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد فاستغفروا له)) فاستغفر الناس,((ثم أخذها خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء)) ورفع صلى الله عليه وسلم إصبعه وقال:((اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره)). منذ ذلك اليوم سمي خالد"سيف الله المسلول" . وانطلق خالد في هذه الموقعة فنظم صفوف جيشه وأبلى بلاء حسناً في جيش الروم وكان جيش خالد فليل العدد وجيش الروم كثير كان عدد المسلمين ثلاثة ألاف مسلم بينما كان جيش الأعداء مائتي ألف مقاتل, وقد رسم ابن الوليد خطة عبقرية فقام بالانسحاب ثم قام بتبديل في الميمنة والميسرة والقلب من الجيش في ظلام الليل وأمرهم أن يكبروا بأصوات عالية ويحدثوا أصواتاً حتى يدخل في روع جيش الأعداء أن مدداً جديداً وكبيراً قد قدم لجيش المسلمين وكان لهذه الخطة وهذا التغيير أثره في تغيير مسار المعركة وضعف الروح المعنوية في جيش الروم. ثم انسحب خالد في براعة وأحكام وأنقذ جيش المسلمين من أعدائه.
فتح مكة وخالد بن الوليد

في عام فتح مكة جعل الرسولصلى الله عليه وسلم خالداً على ميمنة جيش المسلمين أميراً وكان في مقدمة جيش النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين .
حرب الردة

وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد معظم العرب ومنعوا الزكاة وقام بعض الناس بادعاء النبوة "طليحة الأسدي, ومسيلمة الكذاب, وسجاح التميمية, والأسود العنسي" وخرج خالد بن الوليد لمحاربة مسيلمة الكذاب وطليحة ففر طليحة فعاد بني أسد إلى الإسلام وقتل مسيلمة الكذاب وانهزم بنو حنيفة هزيمة عنيفة وقد كان جيش المسلمين ثلاثة عشر ألف مسلم بينما كان رجال مسيلمة حوالي أربعين ألف مقاتل .
خالد وهرمز

أرسل الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه خالداً إلى العراق فكان إن جهز الفرس جيشاً بقيادة قائد يجمع بين المكر والخبث هو هرمز, وحين التقى الجيشان بعدما أعد لها هرمز جيداً وحفر الخنادق في بلدة تسمى كاظمة ولكن خالد القائد الخبير تخطى كاظمة واتجه إلى الحفير شمال كاظمة وغربي الأبلَّة فلما لم يجده هرمز في كاظمة انتظره في منطقة تسمى الحفير وأمر جيشه يحفر الخنادق في ذلك الوقت عاد خالد إلى المنطقة الأولى التي تسمى كاظمة وأسرع هرمز بجيشه إلى كاظمة والتقى الجيشان صاح هرمز داعياً خالداً إلى المبارزة, فخرج عليه خالد وانقض عليه كما ينقض القط على الفأر وقتله وهزم المسلمون الفرس وأخذ سيف الله يفتح بلاد العراق ويهزم الجيوش ثم حاصر الحيرة وفتحها .
أبو بكر يرسله إلى الشام

وبعد ذلك أرسل أبو بكر الصديق إلى خالد يأمره بالسير إلى الشام لنجدة جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان . . . فاجتمعت الجيوش في اليرموك, وأعاد خالد تعبئة جيش المسلمين بخططه العسكرية البارعة وكان المسلمون يتعجبون من كثرة أعداد جيوش الروم. وصاح فيهم خالد:((ما أقل الروم وأكثر المسلمين إنما النصر من عند الله)) .
إسلام ابن تيودورا

وكان فرس خالد يسمى الأشقر فأخذ بزمام فرسه وصاح :((الله . . . الله . . . هبي يا رياح الجنة النصر أو الشهادة)). وفي هذه الموقعة كان قائد الروم يسمى "جرجه بن تيودورا" نادى على خالد وقد أعجب بعبقريته في الحرب وقال له:((أصدقني القول أيها القائد العربي إن الحر لا يكذب هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاك إياه فبه تهزم من تواجه؟)) فقال خالد:((لا والله إنما هو الإيمان بالله)) فقال ابن تيودورا:((فلماذا وكيف سميت بسيف الله؟)) فرد خالد:((ألا فاعلم أن الله حين أرسل رسوله بالهدى ودين الحق كنت من أشد الناس عداء للمسلمين حتى هداني الله فبايعته وتبعته فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال"يا خالد أنت سيف من سيوف الله")) ولكن قائد الروم ابن تيودورا سأل خالداً بعد ذلك هل من يدخل الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هل له مثل ما كان للصحابة من الأجر والثواب؟ فقال خالد:((نعم وأفضل)) فقال القائد الروماني:((كيف وأنتم السابقون؟)) فقال خالد:((إن من يدخل الإسلام ولم ير نبي الرحمة ويؤمن بالغيب فإن أجره أكبر وأجزل إذا صدقت نواياه وحسن إسلامه)) فصاح جرجه بن تيودورا وهو يتجه بفرسه لينضم إلى جيش المسلمين بجوار خالد:((علمني الإسلام)) ثم نطق الشهادتين وصلى ركعتين لله ودارت معركة كبيرة استشهد فيها "ابن تيودورا" بعد إسلامه . . . وانتصر المسلمون .
وفاته

لقد مات هذا البطل الشجاع على فراشه وكان يود لو أنه قتل في ميدان القتال شهيداً وقد قال وهو يموت:((لقد شهدت مائة ألف زحف وما في موضع جسدي إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم ولكني أموت اليوم على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء)) . وهكذا مات خالد بن الوليد ولم يترك إلا فرسه وسلاحه وقلنسوته التي كان بها بعض شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم .

الأحد، 21 مايو 2017

دولة الخلافة والدولة القومية


دولة الخلافة هي النظام السياسي والاجتماعي المنبثق عن الإسلام، وفيها:
  (1)  الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
  (2)  تحكيم شرع الله.. بحدوده ومقاصده.
  (3)  حمل رسالة الله إلى العالمين، ورفع علم الجهاد.
  (4)  عدم التقيد بحدود الأرض، وفتح البلاد والعباد لعلو شرع الله كنظام.. وحرية المعتقد لمن شاء.
     (5)  التفرقة على أساس الدين لا على أساس اللغة أو القوم أو الجنس أو تخوم الأرض أو اعتبارات أخرى غير اعتبار الدين.
(6)  الولاء والبراء فيها منعقد على الإسلام.. فالولاء لله ورسوله وللمؤمنين.. والبراء من الشرك والكفر والطاغوت والكافرين.
(7)  إقامة الحق والعدل الرباني.. الذي من أجله أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب.. والناس كلهم أمام حكم الله وشرعه سواء، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
هذه الدولة هي التي أنشأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وامتدت حتى حكمت من الأندلس غرباً إلى حدود الصين شرقاً.. مرت بفترات انهزام وانحسار في فترة "الملك العضوض" وتنوعت هذه الفترة ما بين الرشد، والظلم والطغيان.. لكن في النهاية بقي كيان "الدولة الإسلامية" كما هو، وكل إصلاحات وتغيير إنما كان يستلزم رفع الظلم.. والعودة إلى الرشد داخل كيان "الدولة الإسلامية" حيث الاجتماع على الإسلام، والانتساب للشرع.
مع مجئ الحملات الصليبية، وقيام الحرب العالمية الأولى والثانية.. سقط كيان "دولة الخلافة" من حيث المعنى والاصطلاح والمضمون والشكل، وتم هدمه نهائياً.. واستبداله بـ "الدولة القومية".
وأصبحت الدولة القومية هي الكيان الشاذ الذي يجمع المسلمين وفيها:
(1)  الاجتماع فيها على أساس القوم، والحدود، واللغة.. والانتساب فيها لـ "العلمانية".
(2)  الاحتكام فيها إلى القوانين الوضعية، فهي الأصل في الحكم والتشريع.
(3)  التقيد بحدود الأرض.. والانتساب لها، فصارت هي "محدد" العلاقة بين المسلمين.
(4)  الولاء والبراء فيها للأرض.
(5)  الهيمنة والتبعية للمحتل الذي أنشأ هذه الصورة من "الدولة القومية".
(6)  التفرقة فيها ليست على أساس الدين.. فالدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، إنما التفرقة على أساس القوم والحدود...إلخ.
(7)  لا تحمل رسالة سوى ادعاء العمل على رفاهية القوم، والازدهار الاقتصادي.
هذه الدولة القومية.. على النقيض تماماً من دولة الخلافة الإسلامية، ومناقضة تماماً لرسالة الإسلام، وهدفه.. والطريق الذي يسير فيه.
نشأت الدولة القومية كأحد مخرجات "العلمانية" فإذا كانت الخلافة هي الوجه السياسي والاجتماعي لـ "الإسلام".. فالدولة القومية هي الوجه السياسي والاجتماعي للعلمانية.
ولما تم للمحتل الصليبي تقسيم دولة الخلافة الإسلامية.. وشرذمة الأمة الواحدة، ظن البعض أن المحتل الصليبي قسم دولة الخلافة إلى مجموعة دويلات فحسب! وهذا التصور غير صحيح، المحتل الصليبي دمر فكرة "دولة الخلافة" من أساسها.. ثم فتت الأمة على أساس دين "العلمانية" فجاءت هذه الدويلات التابعة له، وهويتها على أساس العلمانية !!
والعلمانية هو التطور الطبيعي للنصرانية، والوجه الآخر لها.. وهي من أقصى درجات الإلحاد، فلما أفلست النصرانية، وثارت عليها أوربا.. استبدلتها بالوجه الآخر وهو "العلمانية" أي: عبادة الحياة الدنيا وملذاتها، وأهواء البشر - بدلاً عن عبادة البابا والإمبراطور! - وإبعاد أي مكون أو تأثير لـ "الدين" عن وجه الحياة البشرية.. تحت أي ذريعة: كونه مقدس، كونه يُفرق، كونه اختراع...إلخ المهم أن يتم إبعاده، وإطلاق الإنسان من كل قيد.. ووضع الإنسان مكان الإله، فهو المقدس الوحيد!
وانطلق الصليب يُبشر بالدين الجديد "العلمانية" وجعله هو الدين الوحيد المعتمد الذي على البشرية كلها أن تفيء إليها.. واستخدمت كل ما وصلت إليه من علم وتقنية ووسائل اتصال وقوى عسكرية لفرض نمط الحياة العلماني في كل شيء: في المعتقد والتصور، وفي القيم والموازين، وفي الفكر والشعور، وفي النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي المأكل والملبس، وفي التعليم والثقافية، وفي الفن والأدب والمسرح والسينما... إلخ.
حتى تكونت شبكة مصالح اقتصادية عالمية تراعها القيم العلمانية، فنمط الغذاء والملبس - مثلاً - الذي تُقره أمريكا، يجري تعميمه على أرجاء الأرض كلها.. وجعله هو القيمة الصحيحة، والمثل الأعلى.. الذي على البشرية كلها تقليده، واتباعه.. ومن تخلف عنه فهو الرجعي القديم الذي فاته ركب التقدم الإنساني !!
وأصبحت "الدولة القومية" هي الصورة الوحيدة المعتمدة للاجتماع الإنساني، وتم إنشاء هيئات الأمم، والمجالس الدولية باختلاف مسمياتها وأهدافها لحماية هذه الدولة.. وهذا الدين.
وفي الدولة القومية المنبثقة عن "دين العلمانية" يصبح "معتقد" الفرد.. حرية شخصية لا تمنع الدولة الفرد ممن ممارسته، بشرط أن لا يتعدى على دين العلمانية.. أو يتجرأ على الخوض في الحياة العامة، فحرية المعتقد للفرد مكفولة بشرط الحفاظ على هوية الدولة العلمانية.. وعدم التعدي على مبادئ الدولة القومية.
وأصبح مسمى "الدولة الدينية" مستقبحاً شنيعاً مقززاً.. هكذا فرضته وعممته الدولة القومية، وجعلته صورة قبيحة مستوحاة من جرائم الكنيسة في العصور الوسطى.. وأصبح الناس أمام فرضيتين: إما "الدولة الدينية" حيث تسلط رجال الدين كما حدث لأوربا في عصورها الوسطى المظلمة.. أو "الدولة المدنية القومية العلمانية" حيث حقوق الإنسان، والحريات والديمقراطية... إلخ، والحقيقة لم يكن هناك ثمة اختيارات للناس، فالدولة القومية فرضت نفسها من خلال الثورات والحروب التي كادت أن تأكل أوربا كلها، ولكن يُقال مصطلح "الدولة الدينية" على سبيل الماضي البغيض الذي هربوا منه وانتصروا عليه..!
وتم فرض هذه الصورة على بلدان الأمة الإسلامية.. وتمت عملية إلغاء وتقويض لمجرد التفكير في بديل ثالث يخرج من رسالة الإسلام واستمر قرابة ألف وثلاثمائة عام وهو "دولة الخلافة".. وعلى المسلمين الالتزام بمبادئ الدولة القومية، وها هم على مبادئها منذ سقوط الخلافة حتى الآن، وورثت الأمة الذلة والهوان، والهيمنة والتبعية للصليب، وضياع الثروات.. ومن قبل كل ذلك ضياع الدين ذاته !!
*  *  *

"صفحات من التاريخ" نبذة مختصرة عن تاريخ الدول السعودية الأولى والثانية والثالثة ...

# الدولة_السعودية _الأولى  : قامت الدولة السعودية الأولى بين سنتي 1137 - 1233 هـ ، ويعود أصل السعوديين إلى سعود بن محمد بن مقرن الذي است...