_____________________________
السلفية المعاصرة هي ملة متكاملة الأركان لها قواعدها المعرفية ، وأصولها الإيمانية ، وعقائدها التأصيلية التي لايتساهل فيها المُنظرون لها . وقد صيّر كهنة هذا الدين الجديد أصولاً جعلوها عمدة ً لهم في مسائل الإيمان والكفر ، ومن أهم أصولهم التي عارضوا بها وحي الله : ( جواز اجتماع الشرك الأكبر والكفر الأكبر مع الإيمان في قلب إنسان.. ) ! فخالفوا في ذلك المعقول والمنقول .. وسنوضح ذلك بعون الله .
اتفق أهل السنة والجماعة على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية وإسلام وجاهلية وتقوى وفجور ولا يكفر- ما لم تكن هذه المعصية كفرا أكبر أو شركا أكبر- ، وذلك لأن الإيمان ( شعب ) و( أجزاء ) و( أبعاض ) لا يلزم من ذهاب بعضها ذهابها كلها، وأن أهل الكبائر من الموحدين تحت مشيئة الرحمن إن شاء عذبهم بذنوبهم ثم أدخلهم الجنة وإن شاء عفا عنهم، وقد قضت بذلك الأدلة الشرعية ..
وخالف في هذا بعض الفرق قديماً فـــــــ ( المرجئة وكل فرق الخوارج ) ،
قالوا: لا يجتمع في العبد طاعة ومعصية ولا تقوى وفجور..!
ونحن نسوق بعض الأدلة التي تبين صحة مذهب أهل السنة والجماعة :
1- قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ..( 9 )سورةالحجرات .
فسمى الله تعالى الطائفتين مؤمنتين مع اقتتالهما، وهذا دليل واضح على اجتماع الطاعة والمعصية في العبد ولا يمنع ذلك أن يكون مؤمنا.
2- وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...) رواه البخاري ..
فسماهما النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين مع وجود الاقتتال منهما، وذلك واضح في قوله صلى الله عليه وسلم (بسيفيهما)، وهذا يدل على جواز اجتماع شعبة من شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر الأصغر (المعصية) في العبد دون أن يكون كافرا خارجا عن ملة الإسلام.
3- وعن واصل الأحدب عن المعرور قال: (لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حُلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرتُه بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر أعيرتَه بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية) رواه البخاري ...
، فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم على أبي ذر أنه فيه جاهلية مع مكانته العظيمة بين المسلمين، ولم يحكم عليه بالخروج من الملة، بل جعل لذلك القول ـ قول أبي ذر للرجل ـ مثل الكفارة أن يطعمه مما يطعم وأن يلبسه مما يلبس، وإذا ثبت ذلك، ثبت صحة اجتماع الإسلام وخصلة غير مكفرة من خصال الجاهلية في العبد، دون أن يلزم من ذلك أن يخرج العبد من الملة.
4- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان...) رواه البخاري ...
، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من اتصف بخصلة من خصال النفاق ففيه شعبة منه، ومقتضى هذا اجتماع شعب الإيمان والكفر والنفاق في العبد.
5- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان...) رواه البخاري ... فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وجه تسمية النساء بذلك وأنه لا يعني به الكفر الأكبر وأنهن لم يخرجن من الملة، وأن ذلك في كونهن يكفرن حق الأزواج عليهن.
فهذه الأحاديث السابقة وما كان في معناها تدل على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية، وإسلام وجاهلية، ولا يكفر بذلك إلا أن تكون المعصية مخرجة من ملة الإسلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
لكن كهنة الدين الجديد " السلفية المعاصرة " قاموا باستغفال أتباعهم وقالوا :
أن " الأدلة السابقة " تنسحب على الكفر الأكبر والشرك الأكبر ؛ فيجوز اجتماع الكفر الاكبر والإيمان في قلب إنسان ، وأن الإنسان إذا كان مؤمنا وفعل ما هو كفر أكبر لا يكفر بذلك، وأن الإيمان الذي معه يمنع من إطلاق الكفر عليه حينئذ وإن كان ما فعله كفر أكبر، وأن من نطق الشهادتين فلا يكفر أبدا، ، وإن دعى غير الله ، وإن تحاكم لغير شرع الله ، وإن شرّع من دون الله ، وإن والى أعداء الله ، وإن فعـل ما فعل وقال ما قال من المكفرات ..! .
ولو تدبر الإنسان ماقاله كهنة السلفية المعاصرة لعلم أنه جهليات وهمية ، ووساوس إبليسية ؛ فالكفر والإيمان نقيضان لايجتمعان في قلب إنسان ، والقول بجواز جمعهما
" يخالف قواعد الإستدلال العقلية والشرعية "
>> فمن ناحية اللغة :
النقيضان لا يجتمعان ، كالحركة والسكون مثلاً، فإنهما لا يجتمعان في شيء واحد في الوقت نفسه، فلا يكون الشيء ساكناً متحركاً في ذات الوقت .
>> من ناحية المنطق :
النقيضان في المنطق : لفظان لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً في موضوع واحد في زمن واحد.
>> من ناحية العقل الدال على الشرع :
جمع النقيضان في العقل ممتنع ببداهة العقول ؛ فمن المعضلات أن نحتاج دليل عقلي على بطلان جمع النقيضين .
فإما أن يكون الإنسان موحدًا خالص التوحيد، وإما أن يكون مشرك خالص الشرك ، وإما أن يجمع الوصفين - هذا ممتنع -
>> من ناحية الشرع :
النقيضان " الكفر الأكبر والإيمان " لايجتمعان أمر شهدت به النصوص الشرعية
1- قال تعالى : ( وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ..) (146 ) سورة الأعراف .
) فذكر موجب الإيمان وهو الآيات وترتب نقيضه عليه وأتبع ذلك بموجب الرشد وترتب نقيضه عليه ثم جاءت الجملة بعدها مصرحة بسلوكهم سبيل الغي ومؤكدة لمفهوم الجملة الشرطية قبلها لأنه يلزم من ترك سبيل الرشد سلوك سبيل الغي لأنهما إما هدى أو ضلال فهما نقيضان إذا انتفى أحدهما ثبت الآخر...) أ.هـ [ تفسير أبو حيان الأندلسي جـ5 صـ174 ] .
فالشرك إذا وجد ارتفع التوحيد، وإذا وجد التوحيد ارتفع الشرك ؛ لأنهما نقيضان ؛ فلايمكن أن يجتمعا في وقت واحد ولايمكن أن يرتفعا " سلبهما " في وقت آن واحد .
يقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن :
(اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده. وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة. مثال ذلك: أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان. ...) أ.هـ
[ منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس صـ 12 ] .:
2- قال الله تعالى في بيان شاف كاف :
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر
، وهذا خطاب للرسول ولإخوانه الرسل من قلبه ( والمراد به غيرهم لأن الانبياء معصومون من الشرك ) أنهم إن وقعوا في الشرك ـ وحاشاهم ذلك ـ فإن أعمالهم كلها حابطة ضائعة لا قيمة لها ـ ولا يحبط العمل بالكلية إلا الكفر أو الشرك الأكبر ـ فالآية دليل لا دافع له على أنه إن اجتمع الكفر والإيمان في العبد فإن الإيمان يحبط ويبطل.
3- قال تبارك وتعالى (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام .
4 - ومثله قوله تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة .
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن المكلف إذا وقع في الكفر أو الشرك الأكبر فقد خرج من الملة وحبط عمله كله.
ولذلك أهدر الله سبحانه وتعالى أعمال الكفار الذين يأتون بها يوم القيامة وجعلها هباءاً منثورا ً مع أنها أعمال صحيحة من حيث الظاهر، ولو لم تكن صحيحة ما كانت معتبرة حيث قال تبارك وتعالى
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) سورة الفرقان .. ، وقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) سورة ابراهيم ) ، فقد أحبط الله أعمالهم لما أتوه من الكفر الأكبر ولم يقبلها منهم.
وبعد هذه الأدلة الشرعية الرادة على استغفال كهنة السلفية المعاصرة لأتباعهم ، نجد أن كهنة هذا الدين الجديد لاينتصرون إلا باستغفال البديهية العقلية ، وتجاوز الضرورات العقلية ، ثم اللعب على أحبال السفسطة فيُسلَّم لهم كل مغرور ٍ ومُغفلٍ وفاجر .
السلفية المعاصرة هي ملة متكاملة الأركان لها قواعدها المعرفية ، وأصولها الإيمانية ، وعقائدها التأصيلية التي لايتساهل فيها المُنظرون لها . وقد صيّر كهنة هذا الدين الجديد أصولاً جعلوها عمدة ً لهم في مسائل الإيمان والكفر ، ومن أهم أصولهم التي عارضوا بها وحي الله : ( جواز اجتماع الشرك الأكبر والكفر الأكبر مع الإيمان في قلب إنسان.. ) ! فخالفوا في ذلك المعقول والمنقول .. وسنوضح ذلك بعون الله .
اتفق أهل السنة والجماعة على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية وإسلام وجاهلية وتقوى وفجور ولا يكفر- ما لم تكن هذه المعصية كفرا أكبر أو شركا أكبر- ، وذلك لأن الإيمان ( شعب ) و( أجزاء ) و( أبعاض ) لا يلزم من ذهاب بعضها ذهابها كلها، وأن أهل الكبائر من الموحدين تحت مشيئة الرحمن إن شاء عذبهم بذنوبهم ثم أدخلهم الجنة وإن شاء عفا عنهم، وقد قضت بذلك الأدلة الشرعية ..
وخالف في هذا بعض الفرق قديماً فـــــــ ( المرجئة وكل فرق الخوارج ) ،
قالوا: لا يجتمع في العبد طاعة ومعصية ولا تقوى وفجور..!
ونحن نسوق بعض الأدلة التي تبين صحة مذهب أهل السنة والجماعة :
1- قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ..( 9 )سورةالحجرات .
فسمى الله تعالى الطائفتين مؤمنتين مع اقتتالهما، وهذا دليل واضح على اجتماع الطاعة والمعصية في العبد ولا يمنع ذلك أن يكون مؤمنا.
2- وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...) رواه البخاري ..
فسماهما النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين مع وجود الاقتتال منهما، وذلك واضح في قوله صلى الله عليه وسلم (بسيفيهما)، وهذا يدل على جواز اجتماع شعبة من شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر الأصغر (المعصية) في العبد دون أن يكون كافرا خارجا عن ملة الإسلام.
3- وعن واصل الأحدب عن المعرور قال: (لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حُلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلا فعيرتُه بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر أعيرتَه بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية) رواه البخاري ...
، فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم على أبي ذر أنه فيه جاهلية مع مكانته العظيمة بين المسلمين، ولم يحكم عليه بالخروج من الملة، بل جعل لذلك القول ـ قول أبي ذر للرجل ـ مثل الكفارة أن يطعمه مما يطعم وأن يلبسه مما يلبس، وإذا ثبت ذلك، ثبت صحة اجتماع الإسلام وخصلة غير مكفرة من خصال الجاهلية في العبد، دون أن يلزم من ذلك أن يخرج العبد من الملة.
4- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان...) رواه البخاري ...
، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من اتصف بخصلة من خصال النفاق ففيه شعبة منه، ومقتضى هذا اجتماع شعب الإيمان والكفر والنفاق في العبد.
5- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان...) رواه البخاري ... فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وجه تسمية النساء بذلك وأنه لا يعني به الكفر الأكبر وأنهن لم يخرجن من الملة، وأن ذلك في كونهن يكفرن حق الأزواج عليهن.
فهذه الأحاديث السابقة وما كان في معناها تدل على أنه يجوز أن يجتمع في العبد طاعة ومعصية، وإسلام وجاهلية، ولا يكفر بذلك إلا أن تكون المعصية مخرجة من ملة الإسلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
لكن كهنة الدين الجديد " السلفية المعاصرة " قاموا باستغفال أتباعهم وقالوا :
أن " الأدلة السابقة " تنسحب على الكفر الأكبر والشرك الأكبر ؛ فيجوز اجتماع الكفر الاكبر والإيمان في قلب إنسان ، وأن الإنسان إذا كان مؤمنا وفعل ما هو كفر أكبر لا يكفر بذلك، وأن الإيمان الذي معه يمنع من إطلاق الكفر عليه حينئذ وإن كان ما فعله كفر أكبر، وأن من نطق الشهادتين فلا يكفر أبدا، ، وإن دعى غير الله ، وإن تحاكم لغير شرع الله ، وإن شرّع من دون الله ، وإن والى أعداء الله ، وإن فعـل ما فعل وقال ما قال من المكفرات ..! .
ولو تدبر الإنسان ماقاله كهنة السلفية المعاصرة لعلم أنه جهليات وهمية ، ووساوس إبليسية ؛ فالكفر والإيمان نقيضان لايجتمعان في قلب إنسان ، والقول بجواز جمعهما
" يخالف قواعد الإستدلال العقلية والشرعية "
>> فمن ناحية اللغة :
النقيضان لا يجتمعان ، كالحركة والسكون مثلاً، فإنهما لا يجتمعان في شيء واحد في الوقت نفسه، فلا يكون الشيء ساكناً متحركاً في ذات الوقت .
>> من ناحية المنطق :
النقيضان في المنطق : لفظان لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً في موضوع واحد في زمن واحد.
>> من ناحية العقل الدال على الشرع :
جمع النقيضان في العقل ممتنع ببداهة العقول ؛ فمن المعضلات أن نحتاج دليل عقلي على بطلان جمع النقيضين .
فإما أن يكون الإنسان موحدًا خالص التوحيد، وإما أن يكون مشرك خالص الشرك ، وإما أن يجمع الوصفين - هذا ممتنع -
>> من ناحية الشرع :
النقيضان " الكفر الأكبر والإيمان " لايجتمعان أمر شهدت به النصوص الشرعية
1- قال تعالى : ( وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ..) (146 ) سورة الأعراف .
) فذكر موجب الإيمان وهو الآيات وترتب نقيضه عليه وأتبع ذلك بموجب الرشد وترتب نقيضه عليه ثم جاءت الجملة بعدها مصرحة بسلوكهم سبيل الغي ومؤكدة لمفهوم الجملة الشرطية قبلها لأنه يلزم من ترك سبيل الرشد سلوك سبيل الغي لأنهما إما هدى أو ضلال فهما نقيضان إذا انتفى أحدهما ثبت الآخر...) أ.هـ [ تفسير أبو حيان الأندلسي جـ5 صـ174 ] .
فالشرك إذا وجد ارتفع التوحيد، وإذا وجد التوحيد ارتفع الشرك ؛ لأنهما نقيضان ؛ فلايمكن أن يجتمعا في وقت واحد ولايمكن أن يرتفعا " سلبهما " في وقت آن واحد .
يقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن :
(اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده. وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة. مثال ذلك: أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان. ...) أ.هـ
[ منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس صـ 12 ] .:
2- قال الله تعالى في بيان شاف كاف :
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر
، وهذا خطاب للرسول ولإخوانه الرسل من قلبه ( والمراد به غيرهم لأن الانبياء معصومون من الشرك ) أنهم إن وقعوا في الشرك ـ وحاشاهم ذلك ـ فإن أعمالهم كلها حابطة ضائعة لا قيمة لها ـ ولا يحبط العمل بالكلية إلا الكفر أو الشرك الأكبر ـ فالآية دليل لا دافع له على أنه إن اجتمع الكفر والإيمان في العبد فإن الإيمان يحبط ويبطل.
3- قال تبارك وتعالى (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام .
4 - ومثله قوله تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة .
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن المكلف إذا وقع في الكفر أو الشرك الأكبر فقد خرج من الملة وحبط عمله كله.
ولذلك أهدر الله سبحانه وتعالى أعمال الكفار الذين يأتون بها يوم القيامة وجعلها هباءاً منثورا ً مع أنها أعمال صحيحة من حيث الظاهر، ولو لم تكن صحيحة ما كانت معتبرة حيث قال تبارك وتعالى
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) سورة الفرقان .. ، وقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) سورة ابراهيم ) ، فقد أحبط الله أعمالهم لما أتوه من الكفر الأكبر ولم يقبلها منهم.
وبعد هذه الأدلة الشرعية الرادة على استغفال كهنة السلفية المعاصرة لأتباعهم ، نجد أن كهنة هذا الدين الجديد لاينتصرون إلا باستغفال البديهية العقلية ، وتجاوز الضرورات العقلية ، ثم اللعب على أحبال السفسطة فيُسلَّم لهم كل مغرور ٍ ومُغفلٍ وفاجر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق