للاجابة على هذا السؤال يلزمنا ابتداء تقسيم حياة سيد الى 3 أطوار مرحلية كل واحدة منها نقيض الأخرى ولم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا للاستزادة منه من ربه سوى العلم فقال "ربي زدني علما" وكما قال علي بن الجهم " ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معايبه"ْ
مر سيد قطب في موقفه من بعض الصحابة بمراحل ثلاث
1 سيد قطب الأديب الشيوعي
2 سيد قطب الثوري
3 سيد قطب الاسلامي
الأولى.. مرحلة الأديب الشيوعي
حيث كان سيد قطب متأثرا بأفكار كل من طه حسين وعباس محمود العقاد..وكلاهما -خاصة طه حسين- كانت له مواقف سلبية تجاه الصحابة..وصلت حد السب والشتم والطعن فوقع من سيد في هذه المرحلة كلمات قاسية في حق كل من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.. وذلك في كتابه "كتب وشخصيات" وهو عبارة عن مقالات أدبية نقدية نشرها سيد في عدة مجلات ما بين عامي 1942 و1946م..خط سيد قطب هذه المعاني المشوبة بالخطأ وهو لم يزل بعد في طور الكتابة الاسلامية من بعيد..كتبها وبضاعته الشرعية لازالت ضعيفة..أي قبل رحلته للتوبة..كتب ما كتب كما كتب العقاد اسلامياته ومثله فعل كل أدباء العصر..كتبها بروح المعاصر المشحون بالترهات التاريخية والأخطاء الشرعية
الثانية.. مرحلة سيد الثورية وبداية توجهه "الإسلامي"
وفي هذه المرحلة ألف أول كتاب له في الفكر الإسلامي..وهو "العدالة الاجتماعية في الإسلام" وذلك في عام 1948م وفي هذا الكتاب يظهر أن سيدا لازال متأثرا-شيئا ما- بأفكار طه حسين والعقاد.. لذا فقد صدرت منه عبارات شديدة في حق عدد من الصحابة..منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه.. وتصدى للرد عليه الأستاذ محمود شاكر رحمه الله وبين سيد قطب -عام 1952- في تعليقه على مقالة لشاكر.." أنه لا يقصد الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم وإنما غايته الدفاع عن الإسلام مما نسب إليه في كتب التاريخ والسير"
الثالثة.. مرحلة سيد قطب الاسلامية
وفي هذه المرحلة أصدر طبعة منقحة من كتاب "العدالة الاجتماعية" وهي الطبعة السادسة التي أصدرتها دار "إحياء الكتب العربية" عام 1964م.. وحذف منها سيد ما انتقده عليه الأستاذ محمود شاكر.. وعدل كثيرا من العبارات.. وأضاف أمورا أخرى..تبين استقرار موقفه من الصحابة على جادة العدل والإنصاف..وظهر ذلك جليا في "الظلال" و"هذا الدين"حيث أثنى ثناء طيبا على عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم- وكذا زاد المديح لأصحاب رسول الله في الجملة وفعل ذلك في كتابه "معالم في الطريق" حيث وصف الصحابة رضوان الله عليهم بأنهم "جيل قرآني فريد" وقال في كتابه المعالم ..لقد خرّجت هذه الدعوة جيلًا من الناس - جيل الصحابة رضوان الله عليهم جيلا مميزا في تاريخ الإسلام كله وفي تاريخ البشرية جميعه.. ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرةً أخرى" مما سبق يتأكد عندنا أن الذي خلص إليه سيد قطب رحمه الله هو الثناء على الصحابة رضي الله عنهم وأن ما يطرحه الان المداخلة والمنافقون على سيد قطب رحمه الله إنما هو كلام قديم تراجع عنه.. وتبرأ منه واستقر على خلافه
أما فرية تكفير سيد للمجتمعات..فالمداخلة يتهمون الرجل بتكفير المسلمين بلازم هذا الوصف.."شابهوا الخوارج في الحكم بالالزام"والحقيقة انه لم يكفر المجتمع وانما أشار الى النواقض المتفشية بينهم ولمح الى أن الجاهلية لا ترتبط بزمن ومكان أو مجتمع معين بقدر ما هي مرتبطة بأسلوب الحياة ونمطها ونجد هذا التعبير في كلام النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لابي ذر وهو يعير بلالا بأمه "انك امرؤ فيك جاهلية"
لكن لما لا يحسن المداخلة الظن بسيد ويأخذوا عنه ما استقر عليه في آخر حياته وهو المأسور المغيب في سجون الطاغية جمال عبد الناصر والذي كان يعيش برئة واحدة !؟
- لأن سيد قطب رحمه الله هو عدو المداخلة الأول .. مجرد كلمة واحدة تنشرها لسيد تستدعي هذه الفئة من كهوفها.. لتمتطي صهوة البغال و تمتشق سيوف الجلاد ... بينما هم مع كل الطواغيت و المجرمين في صفوف حملة المباخر وفي الانكار على الظالمين في الصف الآخر..فاذا سئل أحدهم عن الظلم قال الظلم ظلمات..واذا سئل عن ظلم السلطان للرعية قال ذاك ظلم جنات تجري من تحتها الأنهار..حتى أنهم ابتكروا قاعدة جديدة فصلوها لتناسب تقريرات سيد ويمعنوا في ظلمه ..فقالوا أنه لايحمل مجمل على مفصل ولا عام على خاص ولا مطلق على مقيد ولا متشابه على محكم الا على الوحيين..وهذه قاعدة صلعاء أريد بها وجه ابليس أولا ووجه السلطان الغشوم ثانيا ويكفينا قول الله سبحانه "ان الحسنات يذهبن السيئات"
المداخلة اذا يحملون كلام سيد ما لايحتمل..ويحملونه أسوأ المحامل..ولا يراعي المداخلة طبيعة الأسلوب الأدبي الذي كتب به سيد..ولا يراعون أطواره الفكرية الثلاثة حتى أخرجوه من ربقة الدين ونسبوا اليه كل خطيئة..وجعلوه باعث الشرور ورأس الضلالة..ولو كان في مكنة هؤلاء أن يستخرجوه من قبره فيعيدوا شنقه آلاف المرات..لفعلوا..وما أذهب ذلك شيئا من غيض قلوبهم عليه..
هكذا هم مرجئة السلاطين الخوارج مع المسلمين..ينقشون كلام سيد بالمناقيش فاذا تلفظ السيسي بالكفر ومارسه عمليا أو أخل حاكم ما بالولاء والبراء وراقص العدو بالأحضان تلاعبوا بالنصوص ووظفوها حتى يجدوا له ألف مخرج ومحمل..معول هدم في خاصرة الأمة وأخبث فرقة سينجبها لنا العصر الحديث..يزعمون حراسة الدين بينما هم كلاب حراسة خونة ينبحون جهة الشمال حيث الاخوان وحماس والحركات الاسلامية والجهادية بينما الروس والأمريكان وطواغيت ملتنا يستبيحون بيضة الاسلام جهة اليمين
سلفيتهم شبيهة بحصان طروادة يمتطيه كل فاجر وكافر باسم الدين للوصول لقلب الأمة حتى يشتت شملها ويفت في عضدها..سلفية البيت الأبيض التي تسبح بحمد النظام الدولي ولم يعرف لها منذ ظهورها حمل سلاح في وجه كافر غازي أو مقارعة علماني..اختزلوا الدين في الشكلانية وهم الذين كانوا ينبزون المجاهدين في الشيشان وأفغانستان وحرب العراق وهم بين أفخاذ حريمهم..وعندما حملوا السلاح أخيرا نفروا نحو ليبيا ليقاتلوا أنصار الشريعة والاخوان تحت حماية طائرات الروس وفرنسا..يقاتلون في ليبيا بجنب حفتر الذي صرح والمقطع موجود في اليوتيوب أنه لامكان للشريعة الاسلامية في ليبيا الغد..هم على استعداد للتحالف حتى مع الشيطان ما دام الحاكم يطوعهم للامتطاء حسب مزاجه..وهذه مخابرات أمريكا بايعاز من مركز راند توصي بهم وتقول"فالولايات المتحدة يمكن أن تدعم اتجاهات سلفية سائدة..مثل مجموعة المدخلي..والتي تؤثر في رفع الدعم عن الجهاديين"
لكن لما توصي أمريكا بالمداخلة خيرا !!
لأن أمريكا التي تقود حملة الصليب على أمتنا تريد أن تذبح الأمة في صمت..تريد أن تذبحها والمداخلة يسمون الله..ليكون الذبح وفق الشريعة..أمريكا تسعى الى احلال اسلام مدجن غير مهاب الجانب ويتلائم وقوانين الكفر العالمية..فهم لايعادون الاسلام المدخلي الطقوسي..اسلام الشعائر والعبادات..اسلام اللحية والسواك ..ولا مانع أبدا عند أمريكا من رؤية سلفي يصلي ويصوم ويحج ويقضي ليله في التعبد والتسبيح والدعاء عليها..ويقضي حياته في التوكل والاعتكاف في المساجد وتحصيل المتون والاجتماع على حلقات التدريس
أمريكا تمانع في عودة الدين المحمدي العملي الذي ينادي بالخروج من هيمنة النظام العالمي والكفر به والانقضاض عليه ان هو قطع المفاوز ليعتدي علينا..أمريكا تمانع في رؤية سلفي يتعبد ويسبح ويعتكف ويحوز المتون لكنه يتأبط سلاحه اذا نادى مناد الجهاد لدفع المحتل الغاصب..أمريكا تمانع في رؤية مسلم ينازعها السلطة في توجيه العالم وبنائه على قيم أخرى وينهض في بلده بالعلم والاختراع والتكنولوجيا..المسلم الذي ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقع قدم في حركة الحياة..ولا يهمها أبدا شأن ذلك الصوفي المتعبد والمنزوي في زاويته والذي جعل غاية همه الآخرة أو المدخلي الذي يعلمن التدين ويشكلنه ولا يقرب السياسة أبدا بل ويحذر من الأحزاب الاسلامية التي تنازع ولي أمره في ملكه
حقد المداخلة على سيد قطب فاق كل الحدود..كيف لا وهو الذي يعري سوءاتهم ويوجع طواغيتهم بكلماته حتى وهو ميت رحمه الله وتقبله في الشهداء عنده..ولنجرب أن نزن بعض كلام كبيرهم الذي علمهم السحر بميزانه ونكيله بمكيالين كما يفعل هو مع مخالفيه وهذه بعض طوامه وليست كلها تجنبا للاطالة
- يقول ربيع المدخلي في شريط له "الجلسة الثالثة من المخيم الصيفي"ابن باز يفقه الواقع..لكنه مايفقه الواقع كله مثل الله
- ويقول في شريط "العلم والدفاع عن جميل الرحمان" وهو يتحدث عن الواقع والسياسة..يمكن جبريل يعجز عن هذا والله..سليمان هذا نبي شوف العصفور عرف الواقع اكثر منه
- وفي نفس الشريط يقول..خالد بن الوليد يصلح للقيادة مايصلح للسياسة ..واحيانا يلخبط
- وقال في شريط له باسم "توجيهات اسلامية" عن كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم..ان النبي ما أحسن الظن بهم لانهم متهمون في هذه الحالة وقد يكونون متهمين بالنفاق
- وفي احدى المحاضرات قال..لأن هذا المبتدع الضال يلبس باطله لباسا اسلاميا يقدم هذا على طبق اسلامي ان هذا هو الاسلام ..يعني شوية (((خرى))) يحط في طبق من ذهب ويقول هذا من عند الله
- وقال في شريط "الاتباع لا الابتداع"..اجماع الصحابة على دفن النبي في حجرة عائشة فيه نظر..وفي شريط توجيهات عامة قال..أقسم أن الرافضة لايسبون الصحابة مثل مافعل سيد !!
- قال في محاضرة اسمها "الكر على الخيانة والمكر"..ان حسان بن ثابت رضي الله عنه عاقبه الله بالعمى
فماذا كان رد المداخلة على هذه الطوام المغلفة بسوء الأدب والطعن والهمز..قالوا لايقصد وهل شققتم عن نيته وعندو كلام صريح في استدعاء فج للقاعدة السالفة التي يكيفونها حسب أهوائهم
- يبقى أن أضيف أن أهل السنة دعاة انصاف وميزانهم ميزان عدل وحسن ظن وديننا يعلمنا أنه لا اعتبار للهفوات التي تصدر من فلان وعلان من غير قصد..ويعلمنا ألا نحاسب على اللفظ دونما اعتبار لمقاصد ونوايا ومكانة وسابقة صاحبه..هذا هو ميزاننا الذي نزن به أقوال من يحرض علينا ليل نهار وهذا ما تعلمناه من بكر أبو زيد رحمه الله وهو يقول عن سيد "غفر الله لسيد كلامه الذي وسع فيه العبارة" ولكن المداخلة قوم بهت لا يفقهون
بالأخير أقول أنه ينبغي علينا الأخذ في عين الاعتبار أطوار سيد الثلاثة عند محاكمة تراثه..فللرجل مناقب وأفضال وجهاد وصدع بالحق وتقرير لمعاني عظيمة من التوحيد دلس ونافق فيها الكثيرون..وله مواقف بطولية أبداها أمام طاغوت عصره مقررا حقيقة التوحيد عمليا حتى قيل عن كتابه معالم في الطريق أنه أدق وأجمل ما كتب في التوحيد في عصرنا الحديث
وهذا سيد الأسير صاحب الرئة الواحدة ورغم التعذيب الشديد والبرد القارس ورغم اشتعال بؤر الدرن في صدره ورغم استحالة الحياة في تلك الأشبار المعدودة حيث ألقوه كتب للشباب رسالة عجيبة يقول فيها
"أخي ستبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك اشراقها
ترى الفجر يرمقنا من بعيد"
وكان دائم الإبتسام في وجه سجانيه.. وبالذات ذلك السجان البغيض الذي يسبه في أوقات الصلوات.. فيبتسم له سيد و يمازحه !!
كان يكتب في زنزانته تفسيره الظلال ويمليه على الشيخ الشاب عبد المجيد الشاذلي ويصلان الليل بالنهار في الكتابة ..
يقول الشيخ الشاذلي انه عندما كان يضيق الحال بالاخوة يذهبون إليه فيقول لهم..
"لسنا بطير مهيض الجناح
لن نستذل ولن نستباح
وإني على ثقة من طريقي
إلى الله رب السنا والشروق"
وحينما كان يبصق دما من سعاله كان الأخوة يبكون لأجله كثيرا فيقول لهم سيد وهو صابر محتسب
"أخي إن ذرفت علي الدموع
وبللت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع
وسيروا بها نحو مجد تليد"
فليحرق المداخلة وليمنعوا ما شاؤوا من كتب سيد.. وليحرض رسلان والمدخلي كما يحلو لهم طالما أن الريموت كونترول بيد السلطان..فقد مات عبد الناصر ومات السادات ومات فرج فودة ونصر حامد أبو زيد ومات السجان والجلاد وبقي سيد حيا بيننا..وسيموت المداخلة ويبقى سيد حيا بيننا وهو يهمس لنا "إن كلماتنا ستبقى ميتة لا حراك فيها هامدة أعراسا من الشموع..فإذا متنا من أجلها انتفضت و عاشت بين الأحياء"
فاللهم ارحم سيدا وأجزل له المثوبة واغفر لنا وله واخزي شانئيه أكثر مما هم خزايا يارب
الغد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق