ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺘﻮﻳﺠﺮﻱ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ، ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ، ﻭﺑﻌﺪ :
ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺑﻨﻮ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ . ﻭﺣﺮﻓﻮﺍ ﻭﺑﺪﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﻭﺷﺮﻳﻌﺘﻬﻢ
ﻓﺎﻧﻄﻤﺲ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻇﻬﺮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﺣﺘﺎﺟﺖ ﺍﻷﻣﺔ
ﺇﻟﻰ ﺩﻳﻦ ﻳﺤﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻳﻤﺤﻖ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﻳﻬﺪﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ :
( ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻻ ﻟﺘﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻭﻫﺪﻯ
ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻟﻘﻮﻡ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ) ﺍﻟﻨﺤﻞ 64/ .
ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ,
ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﺄﻭﻟﻬﻢ ﻧﻮﺡ ﻭﺁﺧﺮﻫﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻭﻟﻘﺪ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﺭﺳﻮﻻً ﺃﻥ
ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺟﺘﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ) ﺍﻟﻨﺤﻞ 36/ .
ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻼ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪﻩ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺃﺑﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻟﻜﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻴﻦ ) ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 40/ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻳﺒﻌﺚ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺑﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎﻙ
ﺇﻻ ﻛﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺑﺸﻴﺮﺍ ًﻭﻧﺬﻳﺮﺍً ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ )
ﺳﺒﺄ 28/ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻬﺪﻱ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺨﺮﺟﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﻢ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻧﺰﻟﻨﺎﻩ ﺇﻟﻴﻚ ﻟﺘﺨﺮﺝ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ )
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ 1/ .
ﻭﻗﺪ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻲ
ﺍﻟﻘﺮﺷﻲ ﺑﻤﻜﺔ ﻋﺎﻡ ﺍﻟﻔﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻟﻬﺪﻡ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺄﺑﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺗﻮﻓﻲ ﺃﺑﻮﻩ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ﻭﻟﻤﺎ ﻭﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺭﺿﻌﺘﻪ ﺣﻠﻴﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺪﻳﺔ
ﺛﻢ ﺯﺍﺭ ﺃﺧﻮﺍﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ ﺁﻣﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﻭﻫﺐ ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ
ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺃﻣﻪ ﺑﺎﻷﺑﻮﺍﺀ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﺳﺖ ﺳﻨﻴﻦ ﺛﻢ ﻛﻔﻠﻪ ﺟﺪﻩ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﻓﻤﺎﺕ ﻭﻋﻤﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺛﻤﺎﻥ ﺳﻨﻴﻦ ﺛﻢ ﻛﻔﻠﻪ ﻋﻤﻪ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻳﺮﻋﺎﻩ
ﻭﻳﻜﺮﻣﻪ ﻭﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﺗﻮﻓﻲ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ
ﺑﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺮﻩ ﻗﺮﻳﺶ ﺑﺘﺮﻙ ﺩﻳﻦ ﺁﺑﺎﺋﻪ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﺻﻐﺮﻩ ﻳﺮﻋﻰ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻷﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺛﻢ ﺳﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻡ
ﺑﺘﺠﺎﺭﺓ ﻟﺨﺪﻳﺠﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﻮﻳﻠﺪ ﻭﺭﺑﺤﺖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺃﻋﺠﺒﺖ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺑﺨﻠﻘﻪ
ﻭﺻﺪﻗﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﻓﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﺧﻤﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺳﻨﺔ ﻭﻋﻤﺮﻫﺎ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ
ﺳﻨﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺗﺖ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻧﺒﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﺒﺎﺗﺎً ﺣﺴﻨﺎً ﻭﺃﺩﺑﻪ ﻓﺄﺣﺴﻦ
ﺗﺄﺩﻳﺒﻪ ﻭﺭﺑﺎﻩ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﺧَﻠﻘﺎً ﻭﺧُﻠﻘﺎً ﻭﺃﻋﻈﻤﻬﻢ ﻣﺮﻭﺀﺓ
ﻭﺃﻭﺳﻌﻬﻢ ﺣﻠﻤﺎً ﻭﺃﺻﺪﻗﻬﻢ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻭﺃﺣﻔﻈﻬﻢ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﺎﻩ ﻗﻮﻣﻪ
ﺑﺎﻷﻣﻴﻦ .
ﺛﻢ ﺣُﺒﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺨﻠﻮ ﺑﻐﺎﺭ ﺣﺮﺍﺀ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻳﺘﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ
ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺭﺑﻪ ﻭﺃﺑﻐﺾ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﺭ ﻭﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ
.
ﻭﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﻤﺴﺎً ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺷﺎﺭﻙ
ﻗﺮﻳﺸﺎً ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺮﻓﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﻮﻝ ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ
ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺣﻜﻤﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﺪﻋﺎ ﺑﺜﻮﺏ ﻓﻮﺿﻊ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻓﻴﻪ ﺛﻢ ﺃﻣﺮ
ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻭﺍ ﺑﺄﻃﺮﺍﻓﻪ ﻓﺮﻓﻌﻮﻩ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺛﻢ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﺤﻤﺪ
ﻓﻮﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭﺑﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﺿﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﺍﻧﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺻﻔﺎﺕ ﺣﻤﻴﺪﺓ ﻛﺎﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﻓﻴﻬﻢ
ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺘﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﻑ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ
ﻭﺇﻫﺪﺍﺀ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻭﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺻﻔﺎﺕ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﺫﻣﻴﻤﺔ ﻛﺎﻟﺰﻧﺎ ,
ﻭﺷﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﻮﺭ ﻭﺃﻛﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ , ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ .
ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺩﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻟﺤﻲ
ﺍﻟﺨﺰﺍﻋﻲ ﻓﻘﺪ ﺟﻠﺐ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺗﻬﺎ
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻭﺩ , ﻭﺳﻮﺍﻉ , ﻭﻳﻐﻮﺙ , ﻭﻳﻌﻮﻕ, ﻭﻧﺴﺮﺍ .
ﺛﻢ ﺍﺗﺨﺬ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﺻﻨﺎﻣﺎً ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺻﻨﻢ ﻣﻨﺎﺓ ﺑﻘﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻼﺕ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻒ
ﻭﺍﻟﻌﺰﻯ ﺑﻮﺍﺩﻱ ﻧﺨﻠﺔ ﻭﻫﺒﻞ ﻓﻲ ﺟﻮﻑ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻭﺃﺻﻨﺎﻡ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ
ﻭﺃﺻﻨﺎﻡ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻭﺍﺣﺘﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮﺓ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ
ﻭﺗﺮﻙ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﻓﺄﻧﻜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺮﻳﺶ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ( ﺃﺟﻌﻞ ﺍﻵﻟﻬﺔ
ﺃﻟﻬﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﺸﻲﺀ ﻋﺠﺎﺏ ) ﺹ 5/ .
ﻭﻇﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺗﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻜﺴﺮﻫﺎ ﻭﻫﺪﻣﻬﺎ ﻫﻮ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺭﺿﻮﺍﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻈﻬﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺯﻫﻖ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ : ( ﻭﻗﻞ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺯﻫﻖ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻛﺎﻥ ﺯﻫﻮﻗﺎً ) ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ 81/ .
ﻭﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺎﺭ ﺣﺮﺍﺀ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀﻩ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺎ
ﺃﻧﺎ ﺑﻘﺎﺭﺉ ﻓﻜﺮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ( ﺍﻗﺮﺃ ﺑﺎﺳﻢ ﺭﺑﻚ ﺍﻟﺬﻱ
ﺧﻠﻖ ، ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﻠﻖ ، ﺍﻗﺮﺃ ﻭﺭﺑﻚ ﺍﻷﻛﺮﻡ ) ﺍﻟﻌﻠﻖ 3-2-1/ .
ﻓﺮﺟﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ , ﻭﻓﺆﺍﺩﻩ ﻳﺮﺟﻒ , ﻭﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮﻫﺎ
ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻘﺪ ﺧﺸﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻄﻤﺄﻧﺘﻪ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ( ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺨﺰﻳﻚ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﺑﺪﺍً ﺇﻧﻚ ﻟﺘﺼﻞ ﺍﻟﺮﺣﻢ , ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻜﻞ , ﻭﺗﻘﺮﻯ ﺍﻟﻀﻴﻒ , ﻭﺗﻜﺴﺐ
ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ , ﻭﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺤﻖ ) ﺛﻢ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ
ﻭﺭﻗﺔ ﺑﻦ ﻧﻮﻓﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻨﺼﺮ ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﺸﺮﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺎﻣﻮﺱ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﺃﻭﺻﺎﻩ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﺇﺫﺍ ﺁﺫﺍﻩ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺃﺧﺮﺟﻮﻩ .
ﺛﻢ ﻓﺘﺮ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻣﺪﺓ ﻓﺤﺰﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ
ﻳﻤﺸﻲ ﻳﻮﻣﺎً ﺇﺫ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻓﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ
ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻭﺗﺪﺛﺮ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ : ( ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ ، ﻗﻢ ﻓﺄﻧﺬﺭ )
ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ 2-1/ , ﺛﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ .
ﺃﻗﺎﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﻳﺪﻋﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﺳﺮﺍً
ﺛﻢ ﺟﻬﺮﺍً ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻉ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﺪﻋﺎﻫﻢ ﺑﻠﻴﻦ ﻭﻟﻄﻒ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ
ﻗﺘﺎﻝ ﻓﺄﻧﺬﺭ ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﺍﻷﻗﺮﺑﻴﻦ ﺛﻢ ﺃﻧﺬﺭ ﻗﻮﻣﻪ ﺛﻢ ﺃﻧﺬﺭ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﺛﻢ ﺃﻧﺬﺭ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﺛﻢ ﺃﻧﺬﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻓﺎﺻﺪﻉ ﺑﻤﺎ ﺗﺆﻣﺮ
ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ) ﺍﻟﺤﺠﺮ 94/ .
ﻭﻗﺪ ﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺭﺟﺎﻻً ﻭﻧﺴﺎﺀً ﻭﺃﻭﺫﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻓﻌُﺬِّﺏَ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﻗﺘﻞ
ﺑﻌﻀﻬﻢ , ﻭﻫﺎﺟﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻓﺮﺍﺭﺍً ﻣﻦ ﺃﺫﻯ ﻗﺮﻳﺶ ﻭﺃﻭﺫﻱ
ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺼﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﻳﻨﻪ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﻣﻀﻰ ﻋﺸﺮ
ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻣﺎﺕ ﻋﻤﻪ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺫﻯ ﻗﺮﻳﺶ
ﺛﻢ ﻣﺎﺗﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﻧﺴﻪ ﻓﺎﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻼﺀ
ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺗﺠﺮﺅﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﺫﻭﻩ ﺑﺼﻨﻮﻑ ﺍﻷﺫﻯ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺑﺮ ﻣﺤﺘﺴﺐ .
ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﺗﺠﺮﺃﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺮﻳﺶ ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ ﻭﺩﻋﺎ
ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﻴﺒﻮﻩ , ﺑﻞ ﺁﺫﻭﻩ ﻭﺭﻣﻮﻩ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺣﺘﻰ ﺃﺩﻣﻮﺍ
ﻋﻘﺒﻴﻪ , ﻓﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻭﻇﻞ ﻳﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺞ
ﻭﻏﻴﺮﻩ .
ﺛﻢ ﺃﺳﺮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﻟﻴﻼ ًﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ
ﺭﺍﻛﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮﺍﻕ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺟﺒﺮﻳﻞ , ﻓﻨﺰﻝ ﻭﺻﻠﻰ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺛﻢ ﻋﺮﺝ ﺑﻪ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺁﺩﻡ , ﻭﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻭﺃﺭﻭﺍﺡ
ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﺛﻢ ﻋﺮﺝ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﺴﻰ
ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ
ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ
ﻣﻮﺳﻰ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺛﻢ ﺭﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺳﺪﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﺛﻢ ﻛﻠﻤﻪ ﺭﺑﻪ ﻓﺄﻛﺮﻣﻪ ﻭﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻣﺘﻪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺛﻢ ﺧﻔﻔﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺮ
ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺇﻛﺮﺍﻣﺎً ﻣﻨﻪ ﻷﻣﺔ
ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻓﻘﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﻓﺼﺪﻗﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻭﻛﺬﺑﻪ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ : ( ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺮﻯ
ﺑﻌﺒﺪﻩ ﻟﻴﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺭﻛﻨﺎ ﺣﻮﻟﻪ
ﻟﻨﺮﻳﻪ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺗﻨﺎ ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ) ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ 1/ .
ﺛﻢ ﻫﻴﺄ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻩ ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﻓﻲ
ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺞ ﺑﺮﻫﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺰﺭﺝ ﻓﺄﺳﻠﻤﻮﺍ ﺛﻢ ﺭﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ , ﻭﻧﺸﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﺑﻀﻌﺔ
ﻋﺸﺮ ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﺑﻌﺚ
ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﻳﻘﺮﺋﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ , ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﺄﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ
ﻳﺪﻳﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﻴﺮ , ﻣﻨﻬﻢ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻷﻭﺱ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺫ , ﻭﺃﺳﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﻀﻴﺮ
.
ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﻭﺟﺎﺀ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺞ ﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ
ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺭﺟﻼً ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺱ ﻭﺍﻟﺨﺰﺭﺝ ﻓﺪﻋﻮﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻫﺠﺮﻩ ﻭﺁﺫﺍﻩ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ , ﻓﻮﺍﻋﺪﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺧﺮﺟﻮﺍ
ﻟﻠﻤﻴﻌﺎﺩ ﻓﻮﺟﺪﻭﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻣﻌﻪ ﻋﻤﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻭﻟﻢ
ﻳﺆﻣﻦ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﻀﺮ ﺃﻣﺮ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ , ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ,
ﻭﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﻜﻼﻡ ﺣﺴﻦ ﺛﻢ ﺑﺎﻳﻌﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﻳﻬﺎﺟﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﻮﻩ , ﻭﻳﻨﺼﺮﻭﻩ ﻭﻳﺪﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻨﻪ ,
ﻭﻟﻬﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﺒﺎﻳﻌﻮﻩ ﻭﺍﺣﺪﺍً, ﻭﺍﺣﺪﺍ ً, ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﺛﻢ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﻬﻢ ﻗﺮﻳﺶ
ﻓﺨﺮﺟﻮﺍ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻬﻢ , ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺠﺎﻫﻢ ﻣﻨﻬﻢ , ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ : ( ﻭﻟﻴﻨﺼﺮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻩ ﺇﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﻮﻱ ﻋﺰﻳﺰ ) ﺍﻟﺤﺞ 40/ .
ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻬﺎﺟﺮﻭﺍ ﺃﺭﺳﺎﻻً ﺇﻻ ﻣﻦ
ﺣﺒﺴﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻤﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻻ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺑﻮ
ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻠﻲ ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﺑﻬﺠﺮﺓ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺧﺎﻓﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻓﻴﺸﺘﺪ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺘﺂﻣﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ
ﻗﺘﻠﻪ ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﺎً ﺃﻥ ﻳﺒﻴﺖ ﻓﻲ
ﻓﺮﺍﺷﻪ , ﻭﻳﺮﺩ ﺍﻟﻮﺩﺍﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻷﻫﻠﻬﺎ ﻭﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻟﻴﻘﺘﻠﻮﻩ ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺝ ﻓﺨﺮﺝ ﻣﻦ
ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﻘﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺮﻫﻢ ﻭﺃﻧﺰﻝ
ﺍﻟﻠﻪ : ( ﻭﺇﺫ ﻳﻤﻜﺮ ﺑﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻟﻴﺜﺒﺘﻮﻙ ﺃﻭ ﻳﻘﺘﻠﻮﻙ ﺃﻭ ﻳﺨﺮﺟﻮﻙ
ﻭﻳﻤﻜﺮﻭﻥ ﻭﻳﻤﻜﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮﻳﻦ ) ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ 30/ .
ﺛﻢ ﻋﺰﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ,
ﻓﺨﺮﺝ ﻫﻮ ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﺭ ﺛﻮﺭ ﻭﻣﻜﺜﺎ ﻓﻴﻪ ﺛﻼﺙ ﻟﻴﺎﻝ ﻭﺍﺳﺘﺄﺟﺮﺍ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﺭﻳﻘﻂ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺸﺮﻛﺎً ﻟﻴﺪﻟﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﻭﺳﻠﻤﺎﻩ
ﺭﺍﺣﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﻓﺬﻋﺮﺕ ﻗﺮﻳﺶ ﻟﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﻭﻃﻠﺒﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ , ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ
ﺣﻔﻆ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻜﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻋﻨﻬﻤﺎ , ﺍﺭﺗﺤﻼ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻳﺴﺖ
ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻗﺮﻳﺶ ﺑﺬﻟﻮﺍ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﺎﺋﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻓﺠﺪ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ , ﻋﻠﻢ ﺑﻬﻤﺎ ﺳﺮﺍﻗﺔ ﺑﻦ
ﻣﺎﻟﻚ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺸﺮﻛﺎً ﻓﺄﺭﺍﺩﻫﻤﺎ ﻓﺪﻋﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻓﺴﺎﺧﺖ ﻗﻮﺍﺋﻢ ﻓﺮﺳﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻤﻨﻮﻉ , ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﺍ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﻀﺮﻩ ﻓﺪﻋﺎ ﻟﻪ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ , ﻓﺮﺟﻊ ﺳﺮﺍﻗﺔ , ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺛﻢ
ﺃﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ .
ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﺒﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﻓﺮﺣﺎً ﺑﻘﺪﻭﻣﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﺮﺣﻴﻦ ﻣﺴﺘﺒﺸﺮﻳﻦ
ﻓﻨﺰﻝ ﺑﻘﺒﺎﺀ ﻭﺑﻨﻰ ﻫﻮ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺴﺠﺪ ﻗﺒﺎﺀ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺑﻀﻊ ﻋﺸﺮﺓ
ﻟﻴﻠﺔ ﺛﻢ ﺭﻛﺐ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺼﻼﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺛﻢ ﺭﻛﺐ
ﻧﺎﻗﺘﻪ ﻭﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺤﻴﻄﻮﻥ ﺑﻪ , ﺁﺧﺬﻭﻥ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﻟﻴﻨﺰﻝ
ﻋﻨﺪﻫﻢ , ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺩﻋﻮﻫﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ
ﻣﺄﻣﻮﺭﺓ ﻓﺴﺎﺭﺕ ﺣﺘﻰ ﺑﺮﻛﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺴﺠﺪﻩ ﺍﻟﻴﻮﻡ .
ﻭﻫﻴﺄ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻮﺍﻟﻪ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ
ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ , ﺛﻢ ﺑﻌﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ
ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺄﻫﻠﻪ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﻓﺠﺎﺀﻭﺍ ﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﺛﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺴﺠﺪﻩ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺮﻛﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻭﺟﻌﻞ ﻗﺒﻠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺟﻌﻞ
ﻋﻤﺪﻩ ﺍﻟﺠﺬﻭﻉ ﻭﺳﻘﻔﻪ ﺍﻟﺠﺮﻳﺪ ﺛﻢ ﺣﻮﻟﺖ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ
ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮﺍً ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﺛﻢ ﺁﺧﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﻭﺍﺩﻉ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﻛﺘﺐ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺃﺳﻠﻢ ﺣﺒﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ ﻭﺃﺑﻰ
ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺇﻻ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﺰﻭﺝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺷﺮﻉ ﺍﻷﺫﺍﻥ ﻭﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ،
ﻭﻓﺮﺽ ﺻﻮﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺃﻳﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ
ﺑﻨﺼﺮﻩ ﻭﺍﻟﺘﻒ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺣﻮﻟﻪ ﻭﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ
ﺫﻟﻚ ﺭﻣﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ , ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻋﻦ ﻗﻮﺱ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﺂﺫﻭﻩ
ﻭﺍﻓﺘﺮﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺑﺎﺭﺯﻭﻩ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﺭﺑﺔ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻭ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ
ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺷﺘﺪ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﻭﺗﻔﺎﻗﻢ ﺷﺮﻫﻢ , ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎﻝ , ﻓﻨﺰﻝ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺃﺫﻥ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳُﻘﺎﺗِﻠﻮﻥ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻇُﻠﻤﻮﺍ ﻭﺇﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﻫﻢ
ﻟﻘﺪﻳﺮ ) ﺍﻟﺤﺞ 39/ .
ﺛﻢ ﻓﺮﺽ ﺍﻟّﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻠﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻭ ﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟّﻠﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﻌﺘﺪﻭﺍ ﺇﻥ ﺍﻟّﻠﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ )
ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 190/ .
ﺛﻢ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻭﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ
ﻛﺎﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻛﺎﻓﺔ ) ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ 36/ .
ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺩ ﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ﻭﺩﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ
ﻭﺃﻳﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻨﺼﺮﻩ , ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ ﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﺪﺭ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﻨﺼﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻓﺮﻕ
ﺟﻤﻮﻋﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻏﺪﺭ ﻳﻬﻮﺩ ﺑﻨﻲ ﻗﻴﻨﻘﺎﻉ ﻓﻘﺘﻠﻮﺍ ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﺄﺟﻼﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺛﻢ ﺛﺄﺭﺕ ﻗﺮﻳﺶ ﻟﻘﺘﻼﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺪﺭ , ﻓﻌﺴﻜﺮﺕ ﺣﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﻝ
ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺩﺍﺭﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﻋﺼﻰ ﺍﻟﺮﻣﺎﺓ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ , ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻢ
ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮﺍ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﺛﻢ ﻏﺪﺭ ﻳﻬﻮﺩ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﻨﻀﻴﺮ ﻭﻫﻤﻮﺍ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺈﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻨﺠﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ , ﺛﻢ ﺣﺎﺻﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ
ﻭﺃﺟﻼﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﺒﺮ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻏﺰﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻨﻲ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﻖ ﻟﺮﺩ ﻋﺪﻭﺍﻧﻬﻢ , ﻓﺎﻧﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻏﻨﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﻳﺎ ﺛﻢ
ﺳﻌﻰ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﺐ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻋﻘﺮ ﺩﺍﺭﻩ . ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻭﺍﻷﺣﺒﺎﺵ
ﻭﻏﻄﻔﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺛﻢ ﺃﺣﺒﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻴﺪﻫﻢ ﻭﻧﺼﺮ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ : ( ﻭﺭﺩ
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺑﻐﻴﻈﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺧﻴﺮﺍً ﻭﻛﻔﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻮﻳﺎً ﻋﺰﻳﺰﺍً ) ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 25/ .
ﺛﻢ ﺣﺎﺻﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻬﻮﺩ ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ ﻟﻐﺪﺭﻫﻢ ,
ﻭﻧﻘﻀﻬﻢ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻓﻨﺼﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻘﺘﻞ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺳﺒﻰ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻭﻏﻨﻢ
ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻋﺰﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﻑ ﺑﻪ ﻓﺼﺪﻩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻋﻨﻪ ، ﻓﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ ، ﻳﺄﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺨﺘﺎﺭﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ
ﻓﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻓﻮﺍﺟﺎً .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻏﺰﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺧﻴﺒﺮ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﺫﻭﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﻓﺤﺎﺻﺮﻫﻢ ﻭﻧﺼﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻏﻨﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻛﺎﺗﺐ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟﻴﺸﺎً
ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺛﻪ ﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺟﻤﻌﻮﺍ ﺟﻴﺸﺎً ﻋﻈﻴﻤﺎً
ﻓﻘﺘﻠﻮﺍ ﻗﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺃﻧﺠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﺮﻫﻢ .
ﺛﻢ ﻏﺪﺭ ﻛﻔﺎﺭ ﻣﻜﺔ ﻓﻨﻘﻀﻮﺍ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻓﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺠﻴﺶ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ، ﻭﻃﻬﺮ ﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺘﻴﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ،
ﻭﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ .
ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﺣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻟﺮﺩ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﺛﻘﻴﻒ
ﻭﻫﻮﺍﺯﻥ ﻓﻬﺰﻣﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻏﻨﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻐﺎﻧﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺛﻢ ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺴﻴﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ ﻭﺣﺎﺻﺮﻫﺎ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺑﻔﺘﺤﻬﺎ ﻓﺪﻋﺎ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ، ﻓﺄﺳﻠﻤﻮﺍ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﻭﻭﺯﻉ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ، ﺛﻢ ﺍﻋﺘﻤﺮ ﻫﻮ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺛﻢ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻋﺴﺮﺓ ﻭﺷﺪﺓ ﻭﺣﺮ
ﺷﺪﻳﺪ ﻓﺴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ ﻟﺮﺩ ﻛﻴﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ
ﻓﻌﺴﻜﺮ ﻫﻨﺎﻙ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻠﻖ ﻛﻴﺪﺍً ﻭﺻﺎﻟﺢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ، ﻭﻏﻨﻢ ﺛﻢ ﺭﺟﻊ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺁﺧﺮ ﻏﺰﻭﺓ ﻏﺰﺍﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻓﻮﺩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻓﺪ ﺗﻤﻴﻢ
ﻭﻭﻓﺪ ﻃﻲﺀ ﻭﻭﻓﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﻴﺲ ، ﻭﻭﻓﺪ ﺑﻨﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻛﻠﻬﻢ ﺃﺳﻠﻤﻮﺍ ﺛﻢ
ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺃﻥ ﻳﺤﺞ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺑﻌﺚ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻴﺎً ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺳﻮﺭﺓ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﻟﻠﺒﺮﺍﺀﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺎﻝ
ﻋﻠﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﺤﺮ : ( ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻛﺎﻓﺮ ، ﻭ ﻻ ﻳﺤﺞ ﺑﻌﺪ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺸﺮﻙ ، ﻭﻻ ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﻋﺮﻳﺎﻥ ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻬﺪ ﻓﻬﻮ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﺗﻪ ) .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻋﺰﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺞ ,
ﻭ ﺩﻋﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺤﺞ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺧﻠﻖٌ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﺄﺣﺮﻡ
ﻣﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﻠﻴﻔﺔ , ﻭ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻭﻃﺎﻑ ﻭﺳﻌﻰ
ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﺎﺳﻜﻬﻢ ﻭﺧﻄﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﺮﻓﺎﺕ ﺧﻄﺒﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ,
ﻗﺮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﺳﻤﻌﻮﺍ
ﻗﻮﻟﻲ , ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻌﻠﻲ ﻻ ﺃﻟﻘﺎﻛﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﻲ ﻫﺬﺍ , ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ
ﺩﻣﺎﺀﻛﻢ , ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ , ﻭﺃﻋﺮﺍﺿﻜﻢ ﺣﺮﺍﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ , ﻛﺤﺮﻣﺔ ﻳﻮﻣﻜﻢ ﻫﺬﺍ , ﻓﻲ
ﺷﻬﺮﻛﻢ ﻫﺬﺍ , ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻛﻢ ﻫﺬﺍ , ﺃﻻ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺗﺤﺖ
ﻗﺪﻣﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ , ﻭﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ , ﻭﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﺩﻡ ﺃﺿﻊ ﻣﻦ
ﺩﻣﺎﺋﻨﺎ ﺩﻡ ﺍﺑﻦ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ , ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﺮﺿﻌﺎً ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺳﻌﺪ ,
ﻓﻘﺘﻠﺘﻪ ﻫﺬﻳﻞ . ﻭﺭﺑﺎ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻉ , ﻭﺃﻭﻝ ﺭﺑﺎ ﺃﺿﻊ ﺭﺑﺎ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ , ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻛﻠﻪ , ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ , ﻓﺈﻧﻜﻢ
ﺃﺧﺬﺗﻤﻮﻫﻦ ﺑﺄﻣﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ , ﻭﺍﺳﺘﺤﻠﻠﺘﻢ ﻓﺮﻭﺟﻬﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ , ﻭﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻦ
ﺃﻥ ﻻ ﻳﻮﻃﺌﻦ ﻓﺮﺷﻜﻢ ﺃﺣﺪﺍً ﺗﻜﺮﻫﻮﻧﻪ , ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻠﻦ ﻓﺎﺿﺮﺑﻮﻫﻦ ﺿﺮﺑﺎً ﻏﻴﺮ
ﻣﺒﺮﺡ , ﻭﻟﻬﻦ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺭﺯﻗﻬﻦ ﻭ ﻛﺴﻮﺗﻬﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ , ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ ﻓﻴﻜﻢ
ﻣﺎ ﻟﻦ ﺗﻀﻠﻮﺍ ﺑﻌﺪﻩ ﺇﻥ ﺍﻋﺘﺼﻤﺘﻢ ﺑﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ , ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﺴﺄﻟﻮﻥ ﻋﻨﻲ ﻓﻤﺎ
ﺃﻧﺘﻢ ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ , ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻧﺸﻬﺪ ﺃﻧﻚ ﻗﺪ ﺑﻠَّﻐﺖ , ﻭﺃﺩﻳﺖ , ﻭﻧﺼﺤﺖ ﻓﻘﺎﻝ
ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻳﻨﻜﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺷﻬﺪ ,
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺷﻬﺪ ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ) .
ﻭﻟﻤﺎ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ , ﻭﺗﻘﺮﺭﺕ ﺃﺻﻮﻟﻪ , ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺑﻌﺮﻓﺎﺕ :
( ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻛﻤﻠﺖ ﻟﻜﻢ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﺃﺗﻤﻤﺖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﻌﻤﺘﻲ ﻭﺭﺿﻴﺖ ﻟﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺩﻳﻨﺎً ) ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ 3/ .
ﻭﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺣﺠﺔ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻭﺩﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ , ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻦ ﺣﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺻﻔﺮ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺃﻣﺮ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻭﻓﻲ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ , ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻘﺒﺾ
ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺤﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊ
ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻓﺤﺰﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺰﻧﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﺛﻢ
ﻏُﺴﻞ ﻭﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ
ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻭﺩﻳﻨﻪ ﺑﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ .
ﺛﻢ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﻭﺭﻓﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻋﻤﺮ ﺛﻢ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺛﻢ ﻋﻠﻲ
ﻭﻫﺆﻻﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻮﻥ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ .
ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺘﻦّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻨﻌﻢ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﺃﻭﺻﺎﻩ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﺃﻟﻢ ﻳﺠﺪﻙ ﻳﺘﻴﻤﺎً ﻓﺂﻭﻯ ، ﻭﻭﺟﺪﻙ ﺿﺎﻻً
ﻓﻬﺪﻯ ، ﻭﻭﺟﺪﻙ ﻋﺎﺋﻼً ﻓﺄﻏﻨﻰ ، ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻓﻼ ﺗﻘﻬﺮ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻓﻼ
ﺗﻨﻬﺮ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺭﺑﻚ ﻓﺤﺪﺙ ) ﺍﻟﻀﺤﻰ 11-6/ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﺄﺧﻼﻕ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻷﺣﺪٍٍ ﻏﻴﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺃﺛﻨﻰ
ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺑﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ( ﻭﺇﻧﻚ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ ) ﺍﻟﻘﻠﻢ 4/ .
ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ , ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ , ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ
ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﻳﺆﻟﻒ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻪ : ( ﻓﺒﻤﺎ ﺭﺣﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺖ
ﻟﻬﻢ ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻈﺎً ﻏﻠﻴﻆ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻﻧﻔﻀﻮﺍ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﻓﺎﻋﻒ ﻋﻨﻬﻢ
ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻭﺷﺎﻭﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺰﻣﺖ ﻓﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻤﺘﻮﻛﻠﻴﻦ ) ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 159/ .
ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ
ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻳﺎ
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺇﻧﺎ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎﻙ ﺷﺎﻫﺪﺍً ﻭﻣﺒﺸﺮﺍً ﻭﻧﺬﻳﺮﺍً ﻭﺩﺍﻋﻴﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺈﺫﻧﻪ
ﻭﺳﺮﺍﺟﺎً ﻣﻨﻴﺮﺍً ) ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 46/ .
ﻭﻗﺪ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﺴﺖ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻛﻤﺎ
ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻓﻀﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﺴﺖ , ﺃﻋﻄﻴﺖ
ﺟﻮﺍﻣﻊ ﺍﻟﻜﻠﻢ , ﻭﻧﺼﺮﺕ ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ , ﻭﺃﺣﻠﺖ ﻟﻲ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ , ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻟﻲ
ﺍﻷﺭﺽ ﻃﻬﻮﺭﺍً ﻭ ﻣﺴﺠﺪﺍً , ﻭﺃﺭﺳﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ , ﻭﺧﺘﻢ ﺑﻲ
ﺍﻟﻨﺒﻴﻮﻥ ) . ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ 523/ .
ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ , ﻭ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺷﺮﻋﻪ , ﻟﻴﺪﺧﻠﻮﺍ ﺟﻨﺔ
ﺭﺑﻬﻢ : ( ﻭﻣﻦ ﻳﻄﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺟﻨﺎﺕ ﺗﺠﺮﻱ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺍﻷﻧﻬﺎﺭ
ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ) ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 13/ .
ﻭﻗﺪ ﺃﺛﻨﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺑﺸﺮﻫﻢ
ﺑﺎﻷﺟﺮ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﺗﻴﻨﺎﻫﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻫﻢ
ﺑﻪ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻳﺘﻠﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺁﻣﻨﺎ ﺑﻪ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ
ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻳﺆﺗﻮﻥ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺻﺒﺮﻭﺍ ﻭﻳﺪﺭﺅﻭﻥ
ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻭﻣﻤﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻫﻢ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ) ﺍﻟﻘﺼﺺ 52/ 54- . ﻭﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺛﻼﺛﺔ ﻳﺆﺗﻮﻥ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺁﻣﻦ ﺑﻨﺒﻴﻪ ﻭﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺂﻣﻦ ﺑﻪ
ﻭﺍﺗﺒﻌﻪ ﻭ ﺻﺪﻗﻪ ﻓﻠﻪ ﺃﺟﺮﺍﻥ . ﺍﻟﺦ ) .
ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ,
ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺟﺰﺍﺅﻩ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ
ﻓﺈﻧﺎ ﺃﻋﺘﺪﻧﺎ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺳﻌﻴﺮﺍً ) ﺍﻟﻔﺘﺢ 13/ , ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ
: ( ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻴﺪﻩ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﻬﻮﺩﻱ
ﻭﻻ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ ﺛﻢ ﻳﻤﻮﺕ ﻭﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﻪ ﺇﻻَّ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺍﻟﻨﺎﺭ ) . ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ 154/ .
ﻭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺸﺮ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ
ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﺿﺮﺍً ﻭﻻ ﻧﻔﻌﺎً ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
: ( ﻗﻞ ﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻧﻔﻌﺎً ﻭﻻ ﺿﺮﺍً ﺇﻻ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻠﻢ
ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻻﺳﺘﻜﺜﺮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻣﺎ ﻣﺴﻨﻲ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﺇﻥ ﺃﻧﺎ ﺇﻻَّ ﻧﺬﻳﺮ ﻭﺑﺸﻴﺮ
ﻟﻘﻮﻡ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ) ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 188/ .
ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﻈﻬﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ : ( ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻞ
ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻴﻈﻬﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ ﻭﻛﻔﻰ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﺷﻬﻴﺪﺍً ) ﺍﻟﻔﺘﺢ 28/ .
ﻭﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻫﻲ ﺇﺑﻼﻍ ﻣﺎ ﺃﺭﺳﻞ ﺑﻪ , ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ : ( ﻓﺈﻥ
ﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻓﻤﺎ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎﻙ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻔﻴﻈﺎً ﺇﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻻ ﺍﻟﺒﻼﻍ )
ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ 48/ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ,
ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ , ﻓﻘﺪ ﻏﻔﺮ
ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ ﻭ ﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ ﻭﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ
ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺻﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻤﻮﺍ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ) ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 21/ .
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻭﺟﺎﻫﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﻪ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺘﻪ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ
ﻫﺪﻳﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺳﻮﺓ ﺣﺴﻨﺔ
ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً ) ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 21/ .
ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺩﻳﻦ ﺍﺭﺗﻀﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ ﻭﻫﻮ
ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻝ ﻭ ﻓﺮﻭﻉ ﻭ ﺁﺩﺍﺏ ﻭ ﺃﺧﻼﻕ ﻭ ﻋﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭ ﻣﻌﺎﻣﻼﺕ ﻭﻟﻦ
ﺗﺴﻌﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻻ ﺑﺎﺗﺒﺎﻋﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻭﻟﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﻴﺮﻩ ﻛﻤﺎ
ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ( ﻭﻣﻦ ﻳﺒﺘﻎ ﻏﻴﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎً ﻓﻠﻦ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮﻳﻦ ) ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 85/ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞّ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ , ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﺪ , ﻛﻤﺎ ﺻﻠﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺇﻧﻚ ﺣﻤﻴﺪ ﻣﺠﻴﺪ .
ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺘﻮﻳﺠﺮﻱ .
ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺳﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺍﺏ